البحر المحيط، ج ٩، ص : ١٢٥
فأنبت يقطينا عليه برحمة من اللّه لولا اللّه ألفى ضياعيا
وفيما
روي : إنك لتحب القرع، قال : أجل، هي شجرة أخي يونس.
وقيل : هي شجرة الموز، تغطى بورقها، واستظل بأغصانها، وأفطر على ثمارها. ومعنى أَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً، في كلام العرب : ما كان على ساق من عود، فيحتمل أن يكون اللّه أنبتها ذات ساق يستظل بها وبورقها، خرقا للعادة، فنبت وصح وحسن وجهه، لأن ورق القرع أنفع شيء لمن ينسلخ جلده.
وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ، قال الجمهور : رسالته هذه هي الأولى التي أبق بعدها، ذكرها آخر القصص تنبيها على رسالته، ويدل عليه : فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهُمْ، وتمتيع تلك الأمة هو الذي أغضب يونس عليه السلام حتى أبق. وقال ابن عباس، وقتادة :
هي رسالة أخرى بعد أن نبذه بالعراء، وهي إلى أهل نينوى من ناحية الموصل. وقال الزمخشري : المراد به ما سبق من إرساله إلى قومه، وهم أهل نينوى. وقيل : هو إرسال ثان بعد ما جرى إليه إلى الأولين، أو إلى غيرهم. وقيل : أسلموا فسألوه أن يرجع إليهم فأبى، لأن النبي إذا هاجر عن قومه لم يرجع إليهم مقيما فيهم، فقال لهم : إن اللّه باعث إليكم نبيا. وقرأ الجمهور : أَوْ، قال ابن عباس بمعنى بل. وقيل : بمعنى الواو وبالواو، وقرأ جعفر بن محمد.
وقيل : للإبهام على المخاطب. وقال المبرد وكثير من البصريين : المعنى على نظر البشر، وحزرهم أن من وراءهم قال : هم مائة ألف أو يزيدون، وهذا القول لم يذكر الزمخشري غيره. قال : أو يزيدون في مرأى الناظر، إذا رآها الرائي قال : هي مائة ألف أو أكثر. والغرض الوصف بالكثرة، والزيادة ثلاثون ألفا، قاله ابن عباس أو سبعون ألفا، قاله ابن جبير
أو عشرون ألفا، رواه أبي عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم
، وإذا صح بطل ما سواه.
فَآمَنُوا : روي أنهم خرجوا بالأطفال والأولاد والبهائم، وفرقوا بينها وبين الأمهات، وناحوا وضجوا وأخلصوا، فرفع اللّه عنهم. والتمتع هنا هو بالحياة، والحين آجالهم السابقة في الأزل، قاله قتادة والسدي. والضمير في فَاسْتَفْتِهِمْ، قال الزمخشري : معطوف على مثله في أول السورة، وإن تباعدت بينهما المسافة. أمر رسوله باستفتاء قريش عن وجه إنكار البعث أولا، ثم ساق الكلام موصولا بعضه ببعض، ثم أمر باستفتائهم عن وجه القسمة الضيزى. انتهى. ويبعد ما قاله من العطف.
وإذا كانوا عدوا الفصل بجملة مثل قولك : كل لحما واضرب زيدا وخبزا، من أقبح


الصفحة التالية
Icon