البحر المحيط، ج ٩، ص : ٣٣٢
أبو الحكم بن عذرة، عن بعض النحويين، أنه لا يجيء في الكلام الفصيح، وإنما يجيء مع كان لأنها أصل الأفعال، ولا يجيء مع غيرها من الأفعال. ونص كلام سيبويه والجماعة أنه لا يختص ذلك بكان، بل سائر الأفعال في ذلك مثلها، وأنشد سيبويه للفرزدق :
دست رسولا بأن القوم إن قدروا عليك يشفوا صدورا ذات توغير
وقال آخر :
تعال فإن عاهدتني لا تخونني نكن مثل من يا ذئب يصطحبان
وقرأ الجمهور : نزد ونؤته بالنون فيهما : وابن مقسم، والزعفراني، ومحبوب، والمنقري، كلاهما عن أبي عمرو : بالياء فيهما. وقرأ سلام : نؤته منها يرفع الهاء، وهي لغة الحجاز.
أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ ما لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْ لا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ، تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ واقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ، ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ، أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْباطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ، وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ، وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكافِرُونَ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ، وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ، وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ، وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَثَّ فِيهِما مِنْ دابَّةٍ وَهُوَ عَلى جَمْعِهِمْ إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ، وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ، وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ
وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ.
أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ : استفهام تقرير وتوبيخ. لما ذكر تعالى أنه شرع للناس ما وَصَّى بِهِ نُوحاً الآية، أخذ ينكر ما شرع غيره تعالى. والشركاء هنا يحتمل أن يراد به شركاؤهم في الكفر، كالشياطين والمغوين من الناس. والضمير في شرعوا عائد على الشركاء، والضمير في لهم عائد على الكفار المعاصرين للرسول ويحتمل أن يراد به الأصنام والأوثان


الصفحة التالية
Icon