مفاتيح الغيب، ج ٢٢، ص : ١٤
الذاتي كان أولى فلهذا قال : وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها [الأعراف : ١٨٠] وقال : اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى.
البحث الثاني : في تقسيم أسماء اللَّه تعالى. اعلم أن اسم كل شيء، إما أن يكون واقعا عليه بحسب ذاته أو بحسب أجزاء ذاته أو بحسب الأمور الخارجة عن ذاته. أما القسم الأول : فقد اختلفوا في أنه هل للَّه تعالى اسم على هذا الوجه وهذه المسألة مبنية على أن حقيقة اللَّه تعالى هل هي معلومة للبشر أم لا؟ فمن قال إنها غير معلومة للبشر قال : ليس لذاته المخصوصة اسم، لأن المقصود من الاسم أن يشار به إلى المسمى وإذا كانت الذات المخصوصة غير معلومة امتنعت الإشارة العقلية إليها، فامتنع وضع الاسم لها، وقد تكلمنا في تحقيق ذلك في تفسير اسم اللَّه، وأما الاسم الواقع عليه بحسب أجزاء ذاته فذلك محال لأنه ليس لذاته شيء من الأجزاء لأن كل مركب ممكن وواجب الوجود لا يكون ممكنا فلا يكون مركبا، وأما الاسم الواقع بحسب الصفات الخارجة عن ذاته، فالصفات إما أن تكون ثبوتية حقيقية أو ثبوتية إضافية أو سلبية أو ثبوتية مع إضافية أو ثبوتية مع سلبية أو إضافية مع سلبية أو ثبوتية وإضافية وسلبية ولما كانت الإضافات الممكنة غير متناهية، وكذا السلوب غير متناهية، أمكن أن يكون للباري تعالى أسماء متباينة لا مترادفة غير متناهية. فهذا هو التنبيه على المأخذ.
البحث الثالث : يقال : إن للَّه تعالى أربعة آلاف اسم، ألف لا يعلمها إلا اللَّه تعالى وألف لا يعلمها إلا اللَّه والملائكة وألف لا يعلمها إلا اللَّه والملائكة والأنبياء. وأما الألف الرابع فإن المؤمنين يعلمونها فثلاثمائة منها في التوراة وثلاثمائة في الإنجيل وثلاثمائة في الزبور ومائة في الفرقان تسع وتسعون منها ظاهرة وواحد مكتوم فمن أحصاها دخل الجنة.
البحث الرابع : الأسماء الواردة في القرآن منها ما ليس بانفراده ثناء ومدحا، كقوله جاعل / وفالق وخالق فإذا قيل : فالِقُ الْإِصْباحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً [الأنعام : ٩٦] صار مدحا، وأما الاسم الذي يكون مدحا فمنه ما إذا قرن بغيره صار أبلغ نحو قولنا : حي فإذا قيل الحي القيوم أو الحي الذي لا يموت كان أبلغ وأيضا قولنا بديع فإنك إذا قلت بديع السموات والأرض ازداد المدح، ومن هذا الباب ما كان اسم مدح ولكن لا يجوز إفراده كقولك : دليل. وكاشف فإذا قيل : يا دليل المتحيرين، ويا كاشف الضر والبلوى جاز، ومنه ما يكون اسم مدح مفردا أو مقرونا كقولنا الرحمن الرحيم.
البحث الخامس : من الأسماء ما يكون مقارنتها أحسن كقولك الأول الآخر المبدئ المعيد الظاهر الباطن ومثاله قوله تعالى في حكاية قول المسيح : إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [المائدة : ١١٨] وبقية الأبحاث قد تقدمت في تفسير بسم اللَّه الرحمن الرحيم.
البحث السادس : في النكت [أولها] رأى بشر الحافي كاغذا مكتوبا فيه : بسم اللَّه الرحمن الرحيم فرفعه وطيبه بالمسك وبلعه فرأى في النوم قائلا يقول : يا بشر طيبت اسمنا فنحن نطيب اسمك في الدنيا والآخرة.
وثانيها : قوله تعالى : وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى [الأعراف : ١٨٠] وليس حسن الأسماء لذواتها لأنها ألفاظ وأصوات بل حسنها لحسن معانيها ثم ليس حسن أسماء اللَّه حسنا يتعلق بالصورة والخلقة فإن ذلك محال على من ليس بجسم بل حسن يرجع إلى معنى الإحسان مثلا اسم الستار والغفار والرحيم إنما كانت حسناء لأنها دالة


الصفحة التالية
Icon