مفاتيح الغيب، ج ٣١، ص : ٦٧
أي كشفت وأزيلت عما فوقها، وهو الجنة وعرش اللّه، كما يكشط الإهاب عن الذبيحة، والغطاء عن الشيء، وقرأ ابن مسعود : قشطت، واعتقاب القاف والكاف كثير، يقال لبكت الثريد ولبقته، والكافور والقافور. قال الفراء : نزعت فطويت.
الحادي عشر : قوله تعالى :
[سورة التكوير (٨١) : آية ١٢]
وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (١٢)
أوقدت إيقادا شديدا، وقرئ سعرت بالتشديد للمبالغة، قيل : سعرها غضب اللّه، وخطايا بني آدم، واحتج بهذه الآية من قال : النار غير مخلوقة الآن، قالوا : لأنها تدل على أن تسعيرها معلق بيوم القيامة. الثاني عشر : قوله تعالى :
[سورة التكوير (٨١) : آية ١٣]
وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ (١٣)
أي أدنيت من المتقين، كقوله : وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ. ولما ذكر اللّه تعالى هذه الأمور الإثني عشر ذكر الجزاء المرتب على الشروط الذي هو مجموع هذه الأشياء فقال :
[سورة التكوير (٨١) : آية ١٤]
عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ (١٤)
ومن المعلوم أن العمل لا يمكن إحضاره، فالمراد إذن ما أحضرته في صحائفها، وما أحضرته عند المحاسبة، وعند الميزان من آثار تلك الأعمال، والمراد : ما أحضرت من استحقاق الجنة والنار فإن قيل كل نفس تعلم ما أحضرت، لقوله / : يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً [آل عمران : ٣٠] فما معنى قوله : عَلِمَتْ نَفْسٌ؟ قلنا : الجواب : من وجهين الأول : أن هذا هو من عكس كلامهم الذي يقصدون به الإفراط، وإن كان اللفظ موضوعا للقليل، ومنه قوله تعالى : رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا [الحجر : ٢] كمن يسأل فاضلا مسألة ظاهرة ويقول : هل عندك فيها شي ء؟ فيقول : ربما حضر شيء وغرضه الإشارة إلى أن عنده في تلك المسألة ما لا يقول به غيره. فكذا هاهنا الثاني : لعل الكفار كانوا يتعبون أنفسهم في الأشياء التي يعتقدونها طاعات ثم بدا لهم يوم القيامة خلاف ذلك فهو المراد من هذه الآية. قوله تعالى :
[سورة التكوير (٨١) : الآيات ١٥ إلى ١٦]
فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (١٥) الْجَوارِ الْكُنَّسِ (١٦)
الكلام في قوله : فَلا أُقْسِمُ قد تقدم في قوله : لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ [القيامة : ١]، وبِالْخُنَّسِ والْجَوارِ الْكُنَّسِ فيه قولان : الأول : وهو المشهور الظاهرة أنها النجوم الخنس جمع خانس، والخنوس والانقباض والاستخفاء تقول : خنس من بين القوم وانخنس، وفي الحديث «الشيطان يوسوس إلى العبد فإذا ذكر اللّه خنس»
أي انقبض ولذلك سمي الخناس والْكُنَّسِ جمع كانس وكانسة يقال : كنس إذا دخل الكناس وهو مقر الوحش يقال كنس الظباء في كنسها، وتكنست المرأة إذا دخلت هودجها تشبه بالظبي إذا دخل الكناس. ثم اختلفوا في خنوس النجوم وكنوسها على ثلاثة أوجه فالقول الأظهر : أن ذلك إشارة إلى رجوع الكواكب الخمسة