واختلف النحويون في ذا: هل هو ثلاثيُّ الوضع أم أصلُه حرفٌ واحدٌ؟ الأولُ قولُ البصريين. ثم اختلفوا: هل عينُه ولامه ياء فيكونُ من باب حيي أو عينُه واوٌ ولامُه ياءٌ فيكونُ من باب طَوَيْت، ثم حُذِفت لامُه تخفيفاً، وقُلبت العينُ ألفاً لتحركها وانفتاحِ ما قبلها، وهذا كلُّه على سبيل التمرين وإلا فهذا مبنيٌّ، والمبني لا يدخله تصريف.
وإنما جيء هنا بإشارة البعيد تعظيماً للمشار إليه، ومنه:
٩٩- أقولُ له والرمحُ يَأطُر مَتْنَه * تأمَّلْ خِفافاً إنَّني أنا ذلكا
أو لأنه لمَّا نَزَل من السماء إلى الأرض أُشير بإشارة البعيد [أو لأنه كان موعوداً به نبيُّه عليه السلام، أو أنه أشير به إلى ما قضاه وقدَّره في اللوحِ المحفوظِ، وفي عبارة المفسرين أُشير بذلك للغائب يَعْنُون البعيد، وإلاَّ فالمشارُ إليه لا يكون حاضراً ذهناً أو حساً، فعبَّروا عن الحاضرِ ذهناً بالغائبِ اي حساً، وتحريرُ القولِ ما ذكرته لك].
والكتابُ في الأصل مصدرٌ، قال تعالى: ﴿كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ﴾ وقد يُراد به المكتوبُ، قال:
١٠٠- بَشَرْتُ عيالي إذ رأيتُ صحيفةً * أَتَتْكَ من الحَجَّاج يُتْلى كتابُها
ومثله:
١٠١- تثؤَمِّلُ رَجْعَةً مني وفيها * كتابٌ مثلَ ما لَصِق الغِراءُ
وأصلُ هذه المادةِ الدلالةُ على الجمع، ومنه كتيبةُ الجيش، وكَتَبْتُ القِرْبَةَ: خَرَزْتُها، والكُتْبَةُ -بضم الكاف- الخُرْزَةُ، والجمع كُتَبٌ، قال:
١٠٢- وَفراءَ غَرْفيَّةٍ أَثْأى خوارِزُها * مُشَلْشِلٌ ضَيَّعَتْهُ بينها الكُتَبُ
وكَتَبْتُ الدابَّةَ: [إذا جمعتَ بين شُفْرَي رَحِمها بحلَقةٍ أو سَيْر]، قال:
١٠٣- لاَ تأْمَنَنَّ فزاريَّاً حَلَلْتَ به * على قُلوصِك واكتبْها بأسْيارِ
والكتابةُ عُرْفاً: ضمُّ بعضِ حروفِ الهجاءِ إلى بعضٍ.
والرَّيْبُ: الشكُّ مع تهمة، قال:
١٠٤- ليس في الحقِ يا أُمَيمةُ رَيْبٌ * إنما الريبُ ما يقول الكَذوبُ
(١/٥٥)
---


الصفحة التالية
Icon