وضَربَ لهم مثلاً في لطفه _تعالى_ بهم بلطفه بالطير في طيرانها.
وأيَّسهم من التوكل على نصرة الأصنام، أو على أن ترزقهم رزقاً.
وفظَّع لهم حالةَ الضلال التي ورَّطوا أنفسهم فيها.
ثم وبَّخ المشركين على كفرهم نعمةَ اللهِ _تعالى_ وعلى وقاحتهم في الاستخفاف بوعيده، وأنه وشيكُ الوقوعِ بهم.
ووبَّخهم على استعجالهم موت النبي"ليستريحوا من دعوته.
وأوعدهم بأنهم سيعلمون ضلالهم حين لا ينفعهم العلم، وأنذرهم بما قد يحل بهم من قحط وغيره. ٢٩/٧_٨
أغراضُها: جاء في هذه السورة الإيماءُ بالحرف الذي في أولها إلى تحدي المعاندين بالتعجيز عن الإتيان بمثل سور القرآن وهذا أول التحدي الواقع في القرآن؛ إذ ليس في سورة العلق، ولا في المزمل، ولا في المدثر إشارةٌ إلى التحدي ولا تصريح.
وفيها إشارةٌ إلى التحدي بمعجزة الأمية بقوله [وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ].
وابتدئت بخطاب النبي"تأنيساً له، وتسليةً عما لقيه من أذى المشركين.
وإبطالُ مطاعن المشركين في النبي".
وإثباتُ كمالاته في الدنيا والآخرة وهديه، وضلال معانديه، وتثبيته.
وأُكَّد ذلك بالقسم بما هو من مظاهر حكمة الله _تعالى_ في تعليم الإنسان الكتابة؛ فَتَضَمَّن تشريفَ حروفِ الهجاء والكتابة، والعلم؛ لتهيئة الأمة لخلع دثارِ الأمية عنهم، وإقبالِهم على الكتابة والعلم؛ لتكون الكتابةُ والعلمُ سبباً لحفظ القرآن.
ثم أنحى على زعماء المشركين مثل أبي جهل والوليد بن المغيرة بمذَمَّات كثيرة، وتوعدهم بعذاب الآخرة، وببلايا في الدنيا بأنْ ضَرَبَ لهم مثلاً بمن غَرَّهُمْ عِزُّهُمْ وثراؤهم؛ فأزال الله ذلك عنهم، وأباد نعمتهم.
وقابل ذلك بحال المؤمنين المتقين، وأن اللهَ اجتباهم بالإسلام، وأن آلهتهم لا يغنون عنهم شيئاً من العذاب في الدنيا ولا في الآخرة.