وأما عالم الجن: فعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: إن رسول الله - ﷺ - ليلة الجن وهو مع جبريل - عليه السلام - وأنا معه، فجعل النبي - ﷺ - يقرأ، وجعل العفريت يدنو، ويزداد قرباً، فقال جبريل - عليه السلام - للنبي - ﷺ - :(ألا أعلمك كلمات تقولهن فيكب العفريت لوجهه، وتطفئ شعلته؟ قل أعوذ بوجه الله الكريم، وكلماته التامات التي لا يجاوزهن بر، ولا فاجر من شر ما ينزل من السماء، وما يعرج فيها، ومن شر ما ذرأ في الأرض، وما يخرج منها، ومن فتن الليل والنهار، ومن شر طوارق الليل والنهار، إلا طارقاً يطرق بخير يا رحمن. فكب العفريت لوجهه وانطفأت شعلته) (١).
ولهذا التفريع فائدة منهجية بديعة فيما نحن بصدد جمع شتاته، من حيث واقع وجود عالمين معروفين غير مرئيين من عوالم الغيب هما: عالم الملائكة، وعالم الجن، تتمثل في حمايته من أن يتطرق إليه الشك عندما يبلغه غير جبريل - عليه السلام - من الملائكة الوحي، فيلقي الشيطان أنه ليس ملكاً، وحمايته من الشياطين أن يفكروا بالتلبيس عليه (٢).
كما هو أيضاً واسطته إلى غيب خارج ذلك: فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - ﷺ - :(أتاني جبريل - عليه السلام - فأخذ بيدي فأراني باب الجنة الذي تدخل منه أمتي) (٣).

(١) (النسائي) أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب ت٣٠٣ هـ: السنن الكبرى ٦/٢٣٧ مراجعة: د. عبد الغفار سليمان البنداري وسيد كسروي حسن، ١٤١١ه-/١٩٩١م دار الكتب العلمية - بيروت، وقد جاء في رواية: (علمنيهن جبريل وزعم أن عفريتاً يكيدني).
(٢) ونقل القاضي عياض الإجماع على عصمته - ﷺ - في الشفاء ٢ /١٤١، ولكن ذلك إجماع يفتقر إلى المستند، فليكن ذا في طريق ذاك المستند.
(٣) المستدرك ٣/٧٧، مرجع سابق.


الصفحة التالية
Icon