وبناء على أن جبريل هو الوسيط بين الله ورسله: فهل كانت هيئات الوحي إلى النبي - ﷺ - كما كانت إلى الأنبياء السابقين على ما يظهر من قوله تعالى: ﴿ إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ ﴾ "النساء /١٦٣" ؟ والجواب: لا! فلا ريب في اشتراكهم في أصل الوحي، أما ما بعد ذلك فليس عندنا ما يشير إلى الهيئات التفصيلية لوحي الأنبياء السابقين حتى تتم المقارنة، ولا دليل في الآية على ترجيح أحد الأمرين إذ لو كانت تشبيهاً، فإن التشبيه لا يقتضي أن يكون المشَبَّه مساوياً للمشَبَّه به، وإن كانت إخباراً فهل المراد التفصيل أو القبيل، ولا دليل ثم على أحدهما، وما تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال، وعلى ضوء هذا التقرير يفهم قول ابن حجر-رحمه الله تعالى- في شرح هذه الآية: "ولما كان في الآية أن الوحي إليه نظير الوحي إلى الأنبياء قبله ناسب تقديم ما يتعلق بها، وهو صفة الوحي، وصفة حامله إشارة إلى أن الوحي إلى الأنبياء لا تباين فيه" (١).