وقوله تعالى ﴿ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ ﴾ لا يظهر فيها أن قوله ﴿ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ ﴾ جواب الشرط، لما تقرر في علم العربية أن اسم الشرط لا بد أن يكون في الجواب ضمير يعود عليه، وقوله ﴿ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ ﴾ ليس فيه ضمير يعود على من، وقد صرح بأنه جزاء للشرط الزمخشري وهو خطأ لما ذكرناه من عدم عود الضمير، ولمعنى فعل التنزيل، فلا يصح أن تكون الجملة جزاء، وإنما الجزاء محذوف لدلالة ما بعده عليه، والتقدير: فعداوته لا وجه لها، أو ما أشبه (١)، كذا قال أبو حيان –رحمه الله تعالى-، ولو كان التقدير: فهو عدو لله أو فهو كافر بالوحي... لكان أظهر، وأولى، وأنسب لقوله ﴿ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ ﴾ فأشار بأن إنزال الله جبريل - عليه السلام - بالقرآن قامعٌ لكل من تسول له نفسه عداوة جبريل - عليه السلام -. وقد صرح أبو حيان بتقديرين قريبين من هذا –بعد-، وهو إنما أورد أولاً عين ما قاله الزمخشري في التقدير (٢)، وقال الآلوسي: ﴿ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ ﴾ :"جواب الشرط إما نيابة، أو حقيقة، والمعنى من عاداه منكم فقد خلع ربقة الإنصاف، أو كفر بما معه من الكتاب بمعاداته إياه لنزوله عليك بالوحي" (٣).
(٢) الكشاف ١/٨٤، مرجع سابق، وكذا فعل الشوكاني في فتح القدير١/١٥٠، مرجع سابق.
(٣) روح المعاني ١/٢٢٠، مرجع سابق.