١-حادثة شق الصدر: وقد وقعت مرتين: أما المرة الأولى: فعن أنس - رضي الله عنه - أن رسول الله - ﷺ - أتاه جبريل - عليه السلام - وهو يلعب مع الغلمان، فأخذه فصرعه، فشق قلبه فاستخرج منه علقة فقال: هذا حظ الشيطان منك، ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم ثم لأمه، وأعاده في مكانه، وجاء الغلمان يسعون إلى أمه -يعني ظئره- فقالوا: إن محمداً قد قتل، فاستقبلوه وهو ممتقع اللون، قال أنس: وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط في صدره (١)، وفي لفظ [قلبه فاستخرج القلب ثم شق القلب فاستخرج... ].
وأما المرة الثانية عن أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة - رضي الله عنه - قال: قال النبي - ﷺ - :(بينا أنا عند البيت بين النائم واليقظان، وذكر يعني رجلاً بين الرجلين، فأتيت بطست من ذهب ملئ حكمة وإيماناً، فشق من النحر إلى مراق البطن، ثم غسل البطن بماء زمزم ثم ملئ حكمة وإيماناً، وأتيت بدابة أبيض دون البغل، وفوق الحمار يقال له: البراق فانطلقت مع جبريل حتى أتينا السماء الدنيا... ) (٢) الحديث.
وفي معنى الحكمة يقول النووي-رحمه الله تعالى-: "العلم المشتمل على المعرفة بالله، مع نفاذ البصيرة، وتهذيب النفس، وتحقيق الحق للعمل به، والكف عن ضده، والحكيم من حاز ذلك" (٣).
وعقب عليه ابن حجر-رحمه الله تعالى- قائلاً: "وقد تطلق الحكمة على القرآن، وهو مشتمل على ذلك كله، وعلى النبوة كذلك، وقد تطلق على العلم فقط، وعلى المعرفة فقط" (٤)، ويدل على صحة وجهة ابن حجر -رحمه الله تعالى- في دلالة الحكمة على القرآن قوله - ﷺ - :(لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن... ، وفي لفظ: رجل آتاه الله الحكمة، فهو يقضي بها ويعلمها) (٥).

(١) صحيح مسلم ١/١٤٧، مرجع سابق.
(٢) صحيح البخاري ٣/١١٧٣، مرجع سابق.
(٣) فتح الباري ١/٤٦١، مرجع سابق.
(٤) فتح الباري ١/٤٦١، مرجع سابق.
(٥) البخاري ٦/٣٢١٢، مرجع سابق.


الصفحة التالية
Icon