والظاهر أن الشق الأول تعدت أهدافه ما ذكر ابن حجر -رحمه الله تعالى- إلى استعداده - ﷺ - للقاء الملك، وإيداع قلبه كلام الله، والنفي المبكر لحظ الشيطان من قلبه حتى لا يشوش وجوده على تحقيق هذه الأهداف، ويدل على أن هذا التقرير هو التحقيق في المسألة بقية حديث الشق الأول ففيه: مسألة الوزن، فعن أبي ذر الغفاري - رضي الله عنه - قال: قلت يا رسول الله ! كيف علمت أنك نبي حين استنبئت ؟ فقال: (يا أبا ذر! أتاني ملكان وأنا ببعض بطحاء مكة فوقع أحدهما على الأرض، وكان الآخر بين السماء والأرض، فقال أحدهما لصاحبه: أهو هو ؟ قال: نعم ! قال: فزنه برجل، فوزنت به فوزنته، ثم قال: فزنه بعشرة فوزنت بهم، فرجحتهم، ثم قال: زنه بمائة فوزنت بهم فرجحتهم، ثم قال: زنه بألف، فوزنت بهم، فرجحتهم كأني انظر إليهم ينتثرون علي من خفة الميزان، قال: فقال أحدهما لصاحبه: لو وزنته بأمته لرجحها) (١).
وهذا يدل على أن جهده - ﷺ - في تلقي الوحي القرآني وحفظه، ينبغي أن يساوي جهد الأمة في ذلك، وقد ساواه وزاد بحمد الله - سبحانه وتعالى -.
... أما المرة الثانية: فمن أهدافها: استعداده للتلقي الحاصل في تلك الليلة من حيث عظم ما أخذ إليه - ﷺ - من الصعود إلى السموات، ورؤية الآيات الكبرى في سرعة لا تخطر على قلب بشر، وذاك أمر بحاجة إلى تهيئة لا تكفي فيها التهيئة الأولى.