وابتدأ ظهور إحساسه مادياً بالعوالم الغيبية، وبدايات تمييزها لكن دون يقين قبيل الوحي إليه تمهيداً لنزول الوحي عليه، ولأنه لم يأته الوحي صراحة فقد خاف من هذه الظواهر على نفسه: فقد قال رسول الله - ﷺ - لخديجة: (يا خديجة ! إني أرى ضوءاً، وأسمع صوتاً، لقد خشيت أن أكون كاهناً فقالت: إن الله لا يفعل بك ذلك يا ابن عبد الله، إنك تصدق... ) الحديث (١)، وعن ابن عباس - رضي الله عنه - أن النبي - ﷺ - قال: (يا خديجة ! إني أسمع صوتاً، وأرى ضوءاً، وإني أخشى أن يكون في جنن) (٢).
٣-وكان جبريل - عليه السلام - يأتيه في المنام: كنوع من التدريج في اعتياد الطبيعة البشرية لرسول الله عليه؛ ففي حديث عائشة –رضي الله تعالى عنها –في بدء الوحي قالت: أول ما بدئ به رسول الله الرؤيا (٣)... قال ابن حجر –رحمه الله تعالى-: "(ما) في الحديث نكرة موصوفة، أي أول شيء، ووقع صريحاً في حديث ابن عباس - رضي الله عنه - عند ابن عائذ، ووقع في مراسيل عبد الله بن أبي بكر بن حزم عند الدولابي ما يدل على أن الذي كان يراه - ﷺ - هو جبريل، ولفظه: أنه قال لخديجة بعد أن أقرأه جبريل - عليه السلام - ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾ :(أرأيتك الذي كنت أحدثك أني رأيته في المنام، فإنه جبريل - عليه السلام - استعلن)" (٤).
(٢) الطبقات الكبرى ١٩٤/١، مرجع سابق.
(٣) البخاري ١/٣، مرجع سابق.
(٤) فتح الباري ١/١٤، مرجع سابق.