ولنداء جبريل - عليه السلام - للنبي - ﷺ - علامات لا يحس بها الآخرون غالباً، فإن أحسوا بها كان إحساساً غير متميز: فعن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: كنت مع النبي - ﷺ - فلما أبصر يعني أحداً قال: (ما أحب أنه يحول لي ذهباً يمكث عندي منه دينار فوق ثلاث إلا ديناراً أرصده لدين - ثم قال-: إن الأكثرين هم الأقلون إلا من قال بالمال هكذا وهكذا -وأشار أبو شهاب بين يديه وعن يمينه وعن شماله - وقليل ما هم) وقال: (مكانك) وتقدم غير بعيد، فسمعت صوتاً، فأردت أن آتيه، ثم ذكرت قوله مكانك حتى آتيك، فلما جاء، قلت: يا رسول الله! الذي سمعت -أو قال-: الصوت الذي سمعت، قال: (وهل سمعت ؟) قلت: نعم قال:(أتاني جبريل فقال: من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة. قلت: وإن فعل كذا وكذا؟قال: نعم) (١).
٤- الإطلاق من حيث المكان: وكان يجيئه حيث كان عند اقتضاء المجيء، ووجود الأمر الإلهي بالنزول: فعن عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - قال: دخلت المسجد فرأيت رسول الله - ﷺ - خارجاً من المسجد، فاتبعته أمشي وراءه، ولا يشعر حتى دخل نخلاً، فاستقبل القبلة، فسجد فأطال السجود، وأنا وراءه حتى ظننت أن الله - عز وجل - قد توفاه فأقبلت أمشي حتى جئته فطأطأت رأسي أنظر في وجهه، فرفع رأسه، فقال: (ما لك يا عبد الرحمن؟) فقلت له: لما أطلت السجود يا رسول الله !خشيت أن يكون الله عز وجل قد توفى نفسك، فجئت أنظر، فقال:(إني لما دخلت النخل لقيت جبريل - عليه السلام - فقال: إني أبشرك أن الله عز وجل يقول: من سلم عليك سلمتُ عليه، ومن صلى عليك صليتُ عليه) (٢).
(٢) سنن البيهقي الكبرى٩/٢٨٥، مرجع سابق.