فإن اعتُرض بأن: هذا دال على رؤيته له، لا على استعداده للنزول... فلا يستقيم الاستدلال! فالجواب: نعم !يدل على رؤيته له، ولكن تبقى الآية محتملة للأمرين إن كان بقية الحديث منقطعاً عما قبله، كأنه قال: المراد في الآيات هو جبريل - عليه السلام -، ثم استأنف فقال: ما رأيته... ، والأقرب هو ما استدل به عليه هاهنا من حيث أن سياق الآيات وسببها بصدد تقرير صدق الوحي، وإمكانية اتصال الملك بالرسول (١).
واستعداده لأداء هذه الرسالة والنزول بها إلى العالم الأرضي كما قال - سبحانه وتعالى - ﴿ فَاسْتَوَى ﴾ في سورة النجم مفرع على ما تقدم من قوله ﴿ عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ﴾ "النجم /٥"، والفاء لتفصيل ﴿ عَلَّمه ﴾ والمستوي هو جبريل - عليه السلام -.
ومعنى استوائه: قيامه بعزيمة لتلقي رسالة الله - سبحانه وتعالى -، كما يقال: استقل قائماً، ومثل بين يدي فلان، فاستواء جبريل - عليه السلام - هو مبدأ التهيؤ لقبول الرسالة من عند الله، وكذلك قيد هذا بجملة الحال في قوله ﴿ وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى ﴾ "النجم/ ٧ "، والضمير لجبريل - عليه السلام - لا محالة، أي قبل أن ينزل إلى العالم الأرضي (٢).
(٢) التحرير والتنوير ٢٧/٩٦، مرجع سابق.