أما الملاحظة الجوهرية التي ينبغي ذكرها، فهي أن شخصية الأم سُخِّرت من أجل بناء الشخصية المحور (موسى) بناءً مادياً وفنياً.
شخصية زوجة فرعون:
نجدها تتحرك عبر هذه الآيات، بحيث يكشف عنها السرد مرتين. عند التقاط موسى والوصول به إلى القصر. والأخرى. وهو يقبل على ثدي أمه في لهفة واشتياق.
نجد هذه الشخصية أيضاً موظفة من أجل بناء الشخصية المحور. حيث حمته من القتل حين أريد قتله. وهي-بهذا- بَنَتْهُ. أي حافظت على حياته.
شخصية أخت موسى:
ظهرت في السّياق السردي مرتين. في الأول. لما كلّفت بتقصي أثر موسى الرضيع والثانية، حين دلتهم على المرضع.
وبهذا العرض يكون السرد القرآني قد سخرها لبناء الشخصية المحور.
غير أننا ألفينا البناء يتخذ شكلاً جديداً، تغتدي فيه الشخصية مجرد كائن ورقي (فنيّا) بحيث لم يظهر السرد سوى أفعال الشخصية. فما تقصيها للرضيع وتوجيه القوم نحو الأم- التي ستحضنه- إلا بناء خفي له.
شخصيات آل فرعون:
لقد سخرت من بداية ظهورها لبناء البطل (مادياً وفنياً) حيث لولاهم لكان مصيره مجهولاً، ولأصبح تنامي الخيط السردي مشلولاً.
ولعل هذا كله يجرنا إلى القول: إن الشخصيات الأربع إنما سيقت من أجل بناء الشخصية المحور. ذلك أننا ألفينا كل واحدة منها تضيء جانباً فيه.
إن هذه الخصيصة(١) الفنية كثيراً ما نجد الساردة القرآنية(٢) تهتم بها. بحيث نجد النص القرآني في سياق القصة، يقدم لنا نماذج من الشخصيات المعينة على إبراز مكنونات وأفعال الشخصية الأساس.
(٢) من استعمال الدكتور سليمان عشراتي/ ينظر تجليات الحداثة/ العدد٣/ ١٩٩٤ ص٥٥.