وفي المشهد الثاني. تتسلل الأم في خوف واضطراب نحو اليم، حيث يرمى الابن، وما يكتنف هذا، من مونولوج وتداعيات.
وفي المشهد الثالث. حيث حركة القصر وعملية المد والجزر، بين من يريد قتل موسى، ومن يريد نجاته، وما يكتنف هذا من حجج.
وفي المشهد الرابع. حيث تستلم الأم ابنها، وما يصحب هذا من فرحة وحبور.
كل هذه الانفعالية نشطتها شخصية فرعون الغائبة سردياً.
وبهذا الإلحاح السردي كانت الشخصية غائبة، ولكنها شغلت فضاء سردياً معتبراً، مكنها من أن توازي شخصية موسى، من حيث النمو باطراد.
ولعل هذه التقنية تكون من تأصيل المتن القرآني.
إن البنية السردية في تعاملها مع الشخصيتين (موسى. فرعون) اعتمدت على حصيلة حركتين جوهريتين.
-حركة مرئية. ظهرت في النمو الملحوظ الذي يتماس مع شخصية موسى البطل عبر الأحداث.
-حركة مخفية. كانت تتحرك عبر المدد السردي من طرف خفي. فكانت- إذن- الحركتان مطردتين.
ونكتشف أيضاً، أن السرد كان دائرياً خلال المشاهد الأربعة. حيث يبدأ من الكوخ (تموضع البطل الأول) مروراً بالبحر فالقصر، ليعود إلى الكوخ (تموضع البطل الأخير).
ويمكن توضيح ذلك بهذا المخطط.
ولعلك تلاحظ أن السرد يلتقي في نقطة "أ" وبذلك يصنع دائرة.
غير أننا نلاحظ ظاهرة جديدة في هذه المشاهد الأربعة، بحيث ألفينا الأحداث تنهض بمهمة البناء الفني للشخصية الرئيسية.
نوضح ذلك بهذه الرسمة:-
والملاحظ للأحداث، يجدها تتحرّك منذ الوهلة الأولى، باتجاه التصعيد من أجل بناء شخصية موسى، الأمر الذي يحيلها على النهوض بوظيفة الشخصية نفسها. فتغدو الأحداث المحور الفاعل. لأنها-منذ البدء- كانت تدفع الشخصية المحورية نحو المسار السردي.
-تقنية غياب أسماء الشخصيات:
لعل ما يميز احتفائية السردية الجديدة-في هذا الإطار- هي كونها تعدت مستوى تقديس الشخصية، وعملت على تعويض هيكلها، باللجوء إلى أساليب أخرى من شأنها الإنابة عنها.


الصفحة التالية
Icon