إن الاسم-في ظلها- أصبح ثانوياً بدون قيمة دلالية تذكر.
فالملاحظ أن هذا التغييب كان بقصد تعقيد المسار الروائي، الشيء الذي يجعل القارئ مشاركاً في تنشيط الصيرورة الدلالية التي تكون عليها القصة، بحيث لم يتوقف عن المساءلة والافتراض والاحتمالية منذ الوهلة الأولى. على حين كان يجد كل شيء جاهزاً في ظل السردية التقليدية، لأن السارد كان يركز على نمطية الشخصية، ويسخّر لها كل العناصر، بحيث أضحى فضاء النص فضاءً للشخصية وحدها.
لقد "انتهى عهد الشخصية الفردية النموذجية الفاعلة والمؤثرة والموجّهة، الشخصية التي يَتَّحِدُ بها القارئ ويحلم بمسارها، والتي يسخّر لها الروائي كل الوسائل، من أجل إبرازها وإبراز صفاتها الداخلية والخارجية، وتقديمها للقارئ في نمط جاهز"(١).
إنّ هذه الخصيصة- التي تعد من منجزات عصر الرواية الجديدة- وجدنا لها حضوراً في القصة القرآنية التي نحن بصدد ممارستها، بحيث وجدناها لا تحفل بأسماء الشخصيّات.
فعبر المشاهد الأربعة وحركة شخصياتها لم نعثر إلا على أسلوب الإضافة الذي وجدناه ينوب عن الشخصية.
من ذلك ﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمْ مُوسَى ﴾ ﴿ وقالَتِ اِمْرَأَةُ فِرْعَونَ ﴾ ﴿ وَقالَتِْ لأُخْتِهِ ﴾
فالشخصية القرآنية لم يظهرها السرد باسمها، بل صمت عنها ليترك خيال القارئ يتدفق ليملأ الفجوات المسكوت عنها، متأولاً ومفترضاً ومسائلاً.