إن ظاهرة غياب أسماء الشخصيات(١)، ظاهرة قرآنية قبل أن تكون من سمات الرواية الجديدة، فمثلاً "عدم ذكر اسم القرية في القصة القرآنية، أو تحديد شخصياتها، لا يعيب السرد القصصي. بل إن الله تعالى بعدم ذكره أو تحديده اسم هذه القرية، وشخصيات الأبطال، إنما يوحي إلينا بأن أهم شيء في هذه القصة، هو العبرة أو المغزى الذي تهدف إليه"(٢) الأمر الذي يجعلنا نكتشف أن الشخصية في بعض التوظيف القرآني ما هي إلا كائن من ورق (فنيّا)
ولعل هذه النظرة تتماس مع نظرة السردية الجديدة التي أشار إليها عبد الملك مرتاض-وهو بصدد تحليل أثر سردي- بقوله: "تفطّن المبدع الشعبي إلى بعض ما تفطن إليه كتاب الرواية الجديدة في منتصف القرن العشرين، من أن الشخصية مجرد كائن من ورق"(٣).
٢)-الأثر الباني: (البيئة واستقطاب الشخصية)
إن السرد الدائري المميّز لقصة موسى هذه، شمل الأحداث والشخصيات، وشمل كذلك بعض العوالم التي كانت تتنازع البطل وتتقاطع بداخله. وهي عوالم ثلاثة:

(١) لم يذكر القرآن مثلاً اسم الرجل الصالح، أو أسماء أصحاب الكهف، وصاحبي الجنتين، وذي القرنين في سورة الكهف وغيرها.
(٢) د. محمد كامل حسن المحامي: القرآن والقصة الحديثة- دار البحوث العلمية/ ط١/ ١٩٧٠/ ص٧٠.
(٣) د. عبد الملك مرتاض: -ألف ليلة وليلة. دراسة سيميائية تفكيكية لحكاية حمال بغداد/ د. م. ج ١٩٩٣ ص٥٢.


الصفحة التالية
Icon