إن الثنائيات التقابلية الموظفة في المشهد الثاني، لا تشي فقط بالحمولة النفسية والمضمونية، وإنما تمتزج فيها الدلالات الفيزيائية للأشياء وما يقابلها من دلالات موحية.
ولعلنا نجد مثالاً لذلك في الدلالة البطولية للشدة، مقابل الدلالة النبوية للحكمة.
نوضح بما يأتي: ولما بلغ أشدّه ------------ > دلالة مغلقة
...... أتيناه حكماً وعلماً ------------- > دلالة مفتوحة
وعلى ضوء هذه الثنائية، نجد استمراراً للخطّ المنير، بالمقابل، نجد تلاشياً للخط المظلم.
ومن شأن هذه العلاقة استكشاف الدلالة الباطنية أو الرمزية التي تشي بها لفظتا (أشد + حكماً وعلماً)، خاصة إذا علمنا أن المنظومة القرآنية في نصنصتها(١) "تتشكل من علاقات غيابية وأخرى حضورية، وذلك حسب نظرة تودوروف الذي يرى أن "العلاقات الغيابية علاقات معنى وترميز. فهذا الدال (يدل) على ذلك المدلول وهذا الحدث يستدعي حدثاً آخر، وهذا الفصل الروائي يرمز إلى فكرة ما، وذلك الفصل يصور نفسية ما. أما العلاقات الحضورية فهي علاقات تشكيل وبناء"(٢).
الفصل الثالث: يبدأ هو أيضاً من حيث انتهى الفصل الثاني.
(٢) تزفيطان تودوروف: الشعرية- ترجمة شكري المبخوت ورجاء سلامة- دار توبقال- المغرب ط١- ٨٧ ص٣١.