قال تعالى: ﴿ وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أقصَى المدينةِ يَسْعَى قَالَ يا مُوسَى إنَّ الملأ يَأْتَمِرونَ بِكَ لِيَقْتُلوكَ فَاخرُجْ إنِّي لكَ مِن النَّاصِحينَ. فخرَجَ مِنْها خَائِفاً يَتَرقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّني مِنَ القَوْمِ الظَّالِمينَ. وَلَما تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَن(١) قالَ عَسَى رَبي أن يَهْديني سَوَاءَ السَّبيلِ، ولَما وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وجدَ عليهِ أمّةً من النَّاسِ يَسقُونَ ووَجَدَ مِن دونِهم امرأتَيْنِ تذُودانِ قالَ ما خطبُكُما قالتَا لا نَسْقِي حتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ وأبُونا شَيخٌ كَبِيرٌ. فَسَقَى لهمَا ثُمَّ تَولَّى إلى الظِّلِّ فَقالَ رَبِّ إنّي لِما أنْزَلْتَ إليَّ مِنْ خَيرٍ فَقِيرٌ. فَجاءَتْهُ إحْدَاهُما تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ قالَتْ إنَّ أبي يَدْعُوكَ ليَجْزِيَكَ أجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا فَلَمّا جَاءَهُ وقَصَّ عَلَيْهِ القَصَصَ قَالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ القَوْمِ الظَّالِمِينَ قَالَت إِحْداهُما يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ القوِيُّ الأمينُ. قَالَ إنِّي أُرِيدُ أنْ أُنْكِحَكَ إحْدَى ابْنَتَيَّ هَتَيْنِ عَلَى أنْ تَأْجُرنِي ثَمانِي حِجَجٍ فإنْ أتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ ومَا أُرِيدُ أنْ أشُقَّ عَلَيْكَ ستَجِدُني إنْ شَاءَ اللهُ مِنَ الصَّالِحينَ. قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وبَيْنِكَ أيَّما الأجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ واللهُ عَلَى ما نَقُولُ وَكِيلٌ ﴾ (٢).
يتحرَّك مضمون هذا الفصل في اتجاه واحد، هو الوصول إلى حبل النبوة عن طريق النبي شعيب عليه السلام، ويتميز برؤية إجرائية تتصل بحقل السيميائية، حيث ألفينا السرد النبوي يتمظهر بمظهرين فنيين هما:
أولاً: مظهر الأحداث تصنع البطل.

(١) مدين: قرية شعيب على مسيرة ثمانية أيام من مصر. سميت بمدين بن إبراهيم. ينظر السيوطي: تفسير الجلالين-ص٥١٣
(٢) الآيات ٢٠-٢٨ سورة القصص.


الصفحة التالية
Icon