الحدث في اللغة "كون شيء لم يكن. وحدث أمر. أي وقع"(١).
تتمظهر الأحداث في السرد القصصي القرآني بتمظهرات متنوعة أهمها:
أ- وقائع مألوفة انبثاقية، تخص سيراً وشخصيات، تشكل في النهاية مادة السرد. وهي تصوير لحيوات مختلفة، عادة ما يتخللها صراع دعوي بين نبي بعثه الله، وبين قوم متعصبين وما ينجّر عن ذلك من صدود وتعنت.
ب- وقائع لم تقع، تمّ الحديث عنها، وكأنها مورست بالفعل. وعادة ما تكون الآخرة(٢)مسرحاً لها، كوصف أصحاب الجنة وأصحاب النار، والتداعيات الحوارية بينهما، ومظاهر الترغيب والترهيب التي تتصوّر من خلال صنوف العذاب المسلطة على أهل النار، ومن خلال أنواع المتع التي خصّ الله بها عباده المؤمنين في الجنان.
جـ- حوادث مرصودة. عادة ما تكون انعكاساً أو تطبيقاً لرؤى رآها أصحابها(٣).
د-وقائع إعجازية خارقة. تحدث على مرأى أعين الناس، من ذلك حادثة إحراق إبراهيم عليه السلام. وضرب موسى البحر بعصاه ﴿ فانْفَلَق فَكَانَ كَالطَّودِ العَظِيمِ ﴾ وإحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص من قبل عيسى عليه السلام. وحادثة الإسراء للرسول صلى الله عليه وسلم، وغيرها من الأمور المحروسة بعناية الرب.
والحقيقة التي لا مراء فيها، هي أن الأحداث إنما تساق في القصة القرآنية بهدف تحقيق الغرض الأسمى المتمثل في هداية الناس وتبصيرهم.
ولعل "الهداية والعظة والعبرة وتقرير قواعد هذه الهداية في النفوس"(٤) تكون وراء كل الأحداث القصصية كما أسلفنا القيل.
(٢) * يمكن العودة إلى سور: الأعراف، الواقعة، الحديد، الحاقة وغيرها.
(٣) ** من ذلك رؤية سيدنا يوسف عليه السلام ورؤية عزيز مصر، ورؤيا الفتيين في نفس السورة. وكذلك رؤية سيدنا إبراهيم المرصودة في سورة الصافات.
(٤) محمد الغزلي: نظرات في القرآن- دار الشهاب للطباعة والنشر باتنة الجزائر- ٨٦- ص١١٧.