أما في الفصل الثالث هذا، فإن الأحداث هي التي تصنع البطل. يتجلى هذا بوضوح في تنوع الأحداث التي يسوقها السرد والتي من شأنها بناء الشخصية الرئيسية.
إن الأحداث كثيرة ومتنوعة، الشيء الذي فرض علينا وضع عناوين لها، تعمل على توضيح طبيعتها من وجهة، وتجلية رؤيتنا التي سحبناها عليها من وجهة أخرى.
١-الحدث الصادق:
يتجسد هذا في النصيحة التي أسداها الرجل المؤمن لموسى، والتي مفادها: إن قوم فرعون قرروا قتله الأمر الذي يحتم عليه مغادرة المدينة فوراً. لقد كان الحدث صادقاً من جهة أن الرب- وفي السياق- شهد لهذا الرجل بالإيمان. بقوله: ﴿ وقالَ رجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْن يَكْتُمُ إيمانَه أتَقْتُلونَ رَجُلاً أنْ يَقولَ رَبِّيَ اللهُ وقَدْ جاءكُم بالبيِّناتِ مِنْ رَبِّكُم وإنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وإنْ يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُم بَعْضُ الذِي يَعِدُكُمْ ﴾ (١).
وسنرى ضمنياً، كيف أن الصدق- بوصفه حدثاً صادراً عن الرجل المؤمن- يتقاطع في شخصية موسى وتصرفاته.
٢-الحدث الخارق:
يظهر حين وصول موسى إلى بئر تجمع حولها الرِّعاء، وما يشيع في هذا الجو من حركة الأغنام، وهي تتدافع نحو البئر، وما يتخلل ذلك من أصوات وصياحات منبعثة من كل مكان.
في خضم هذه الأجواء المتسمة بالعنف والتزاحم توجد امرأتان على مشارف البئر منعهما الاختلاط من الاقتراب.

(١) الآية ٢٨ سورة غافر.


الصفحة التالية
Icon