ويمكن الإشارة إلى ظاهرة فنية جديرة بالمتابعة النقدية، يمكن تسميتها بالتغدية السردية أو المدد السردي أو الشحنة التيارية- فنياً- والتي من شأنها إعطاء انتعاشة حركية حياتية لجسم القصة. لقد استخدمتها السردية القرآنية بتقنية عالية. وهي توظيف (لما) ثلاث مرات لما لها من قدرة على تمديد السرد. فهي بمثابة حلقة وصل وتوصيل بين محطات سردية يستلزم القص القرآني المرور عبرها، استكمالاً للغرض الأسمى المنشود، المتمثل في إيصال موسى إلى حقل النبوة، حيث النبي شعيب، وحيث الوحي ومناجاة الخالق.
وقد وردت (لما) متصلة أو متواترة.
ويمكن توضيحها بهذا الجدول:
الأداة... مكان ورودها... صورة تواترها
لما... الآية ٢٢... متصلة
لما... الآية ٢٣... متصلة
لما... الآية ٢٥... متواترة
إن هذه الأحداث- المذكورة آنفاً- كانت تتقاطع في شخصية البطل.
فالحدث الصادق: انعكس على موسى. حيث لمجرد سماعه النصيحة أخذ بها. فهو- إذن- صادق.
والحدث الخارق: انعكاس لشخصيته. فحمله الحجر وحده، والقيام بفعل السّقي أمر فيه إظهار لقوة البطل. فهو- إذن- حدث خارق.
والحدث المحظور: يتجلى في صفاء سريرة البطل. بحيث ألفيناه يعزف عن المشي خلف البنتين(١)من جهة وبالرغم من الخلوة التي تحققت له وهو في حوار مع إحداهما إلا أنه لم يرتكب الفعل المحظور من جهة أخرى. فهو- إذن- أمين.
والحدث العاطفي: يفسره ذلك الرضى الذي أبداه البطل تجاه تلك الفتاة التي اقترح عليه تزويجها، الأمر الذي جعل مشاعره العاطفية تتحرك فيقبل دون تردد. فهو- إذن- عاطفي.