قال تعالى: { فَلَمّا قَضَى مُوسَى الأجَلَ وسَارَ بِأَهْلِهِ آنسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَاراً. قَالَ لأهْلِهِ امْكُثُوا إنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بخَبَرٍ أو جِذْوَةٍ من النَّارِ لَعلَّكُم تَصْطَلونَ. فلَما أتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الوَادِ الأيْمَنِ في البُقْعَةِ المُبارَكةِ من الشَّجَرَةِ أنْ يَا مُوسَى إنِّي أنَا اللّهُ رَبُّ العَالَمِينَ وأنْ أَلْقِ عَصَاكَ، فَلَمّا رَأَهَا تَهْتَز كأنَّها جَانٌّ وَلّى مُدْبِراً ولَمْ يُعَقِّبْ. يَا مُوسَى أَقْبِلْ ولا تخفْ إنَّكَ منَ الآمِنينَ، اُسْلكْ يَدَكَ في جيبِكَ تخرجْ بيضاءَ مِن غيرِ سُوءٍ واضْممْ إليكَ جَنَاحَكَ مِن الرَّهَبِ فَذَنِكَ بُرْهانانِ مِن رَبِّكَ إلى فرعونَ ومَلَئِهِ إنَّهُم كانُوا قوماً فاسِقينَ. قالَ رَبِّ إني قَتَلْتُ مِنْهُم نَفْساً فأخَافُ أنْ يقْتلون وأَخي هَارونُ هُو أفصَحُ مِني لِساناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقْني إنِّي أخَافُ أنْ يُكَذِّبُونِ. قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأخِيكَ ونجعلُ لكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إلَيْكُما بآياتِنا أنتُما ومَنِ اتَّبعُكَما الغَالِبونُ. فلمَّا جاءَهُم مُوسَى بآياتِنا بَيِّناتٍ قَالُوا مَا هَذا إلاَّ سِحْرٌ مُفْتَرَى ومَا سَمِعْنَا بِهذَا في آبائِنا الأوَّلِينَ، وَقَالَ مُوسَى رَبِّي أعْلَمُ بِمنْ جَاءَ بالهُدى مِنْ عَنْدِهِ ومَنْ تكونُ له عَاقبةُ الدَّارِ إنَّه لا يُفلِحُ الظالِمون. وقالَ فرعونُ يا أيُّها الملأُ مَا علِمْتُ لكمْ من إلهٍ غَيْري فَأوْقِد لي يا هَامَانُ علَى الطِّينِ فاجْعَلْ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أطَّلِعُ إلى إلهِ مُوسَى وإنِّي لا أظُنُّهُ مِنَ الكَاذبينَ. واسْتَكْبَرَ هُوَ وجُنُودُه في الأرْضِ بِغَيْرِ الحقِّ وظَنُّوا أنَّهُم إليْنَا لايرْجِعونَ. فأخَذْناهُ وجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُم فِي اليَمِّ.