أ-أسلوب اندفاعي يفضي إلى العنف(١). كما رأينا في قتله القبطي سابقاً.
ب-أسلوب ارتدادي، ينمّ عن خوف واضطراب. كما حدث له في مشهد تحويل العصا إلى أفعى. حيث "ولى مدبراً ولم يعقب، فذهب حتى أمعن، ورأى أنه قد أعجز الحية، ثم ذكر ربه فوقف استحياء منه. ثم نودي يا موسى أن ارجع حيث كنت. فرجع موسى وهو شديد الخوف"(٢).
غير أن هذا المقطع ورد مكرراً في مواطن مختلفة من القرآن، ولكن بصورة تستدعي منا أن نقف قليلاً عندها.
ففي سورة طه جاء قوله عز وجل: ﴿ فأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى ﴾ (٣) وصفت بالحية.
وفي سورة الشعراء قوله: ﴿ فأَلقى عَصَاهُ فَإِذا هِي ثُعبانٌ مُبينٌ ﴾ (٤) وصفت بالثعبان.
وفي هذه القصة قوله: ﴿ فلمَّا رآهَا تَهْتزُّ كأنَّها جَانٌّ ولِّى مُدْبراً ﴾ وصفت بالجان.
وهنا نتساءل عن طبيعة تغير البنية السردية في المجالات الثلاثة. فهل هي حية أم ثعبان أم جان؟
إن العصا- في نهاية الأمر- هي كل هذه المسميات. فهي حية، من جهة كبر حجمها. حيث "قيل ارتفعت قدر ميل"(٥).
وهي تغتدي ثعباناً، لأنها تمشي ملولبة. وهي جان في نطّها وخفّة حركتها. ثم تتشكل الصورة النهائية لها. فهي كل هذا.
(٢) ابن كثير: تفسير القرآن العظيم- م٤- ط٢- دار الفكر- بيروت ١٩٧٠- ص٥٠١.
(٣) الآية ٢٠ سورة طه.
(٤) الآية ٣٢ سورة الشعراء.
(٥) الزمخشري: الكشاف ج٣- ص١١٢.