والسؤال الذي ينبغي طرحه هو: هل يدخل هذا في سياق التكرار؟
والجواب من وجهة نظر سيميائية، هو أن هذا يدخل فيما يعرف بالتداولية- بمفهومها النقدي- ذلك أن السردية القرآنية، تقتضي ذكر عناصر كانت قد تدوولت سابقاً (بالرغم من أن القصة واحدة) وذلك لغرض تشرئب إليه. وليس هذا- في ظاهره- تكراراً. لأن السرد القرآني- في طبيعته- خاضع للبنية الإيقاعية التي تنهض عليها القصة كلها، ومن ثمة تأتي الألفاظ المكوّنة للبنية المكررة، خاضعة هي أيضاً لذلك النسق اللفظي الموقّع الذي يميز السورة من بدايتها إلى نهايتها.
ففي سورة طه مثلاً، فإن نظام البنى السردية- أو كما يسمى بالفاصلة القرآنية- ينتظم وفق الألف المقصورة. فهو حتماً عند الخطاب الرسالاتي (المشهد المذكور سابقاً) سيكون منتظماً وفق نظام بنية سورة طه كلها. حيث رأينا الآيات هكذا: ﴿ وهَل أتاكَ حديثُ موسَى.. هدَى.. يا مُوسى.. طُوى.. يُوحى.. تَسْعَى.. فَتَرْضَى ﴾. وهكذا يمتثل نظام البنى- في سورة طه- للألف المقصورة. وحتماً سيكون الخطاب الرسالاتي ناهضاً على وتيرة هذه البنى، ومن ثمة لا يغتدي تكراراً وما ينبغي له.
ولعل ظاهرة التزام البنى (الفاصلة القرآنية) أسلوباً إيقاعياً، تكون منسحبة على كامل النص القرآني.
من ذلك مثلاً تكرار مشهد قصصي يجسد تجربة تحويل العصا إلى أفعى، ويصوّر انتصار موسى على السحرة وما يتخلل ذلك من حوار بين الأطراف المشاركة في هذا المشهد بمن فيها فرعون.
ففي سورة طه مثلاً قوله تعالى: ﴿ قُلْنَا لا تخفْ إنَّكَ أنْت الأعْلَى﴾ إلى أن يقول: ﴿ولاَ يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أتى ﴾ فالمقاطع كلها تقوم على نظام الألف المقصورة. فقد ناسب أن يقول: ﴿ فأُلقِيَ السَّحرةُ سُجَّداً، قَالُوا آمنا بِرَبِّ هَرونَ ومُوسَى ﴾ حيث قدّم هارون وأخّر موسى للضرورة الإيقاعية التي يمليها السرد.