وإنه لمن الواضح أن السردية القرآنية في تكرارها لمقاطع معينة من قصة ما، فإنها ترمي إلى إقحام القارئ في جو النصية القرآنية ليستنطق بنياتها الدلالية العميقة التي لا يعرضها النص على السطح، ولكن تكون مفهومة من القارئ كمفتاح للتحيين الكامل للنص.
وبعودتنا إلى قصتنا في الفصل الرابع نجد شخصية موسى تتخذ شكل ازدواجية الشخصية وهذا حسب ما يمليه الموقف. (نوضح هذا في المشهد الثاني اللاحق).
فموسى قبل التجربة الإلهية كان يتسم بالخوف ﴿ أقبِلْ ولاَ تَخَفْ ﴾ وبعدها يتسم بالقوة حيث يحمل العصا دون خوف، الأمر الذي يجعل الازدواجية(١)واضحة فيه.
غير أن هذه التجربة ومن منظور بنيوي، نجدها تعمل على بناء الشخصية بناء رسالاتياً. يظهر ذلك حين يقوى موسى على مواجهة السحرة بما يملك من قوة على حمل العصا [أفعى] في حضرة فرعون ثم التفوق. وبهذا- مجتمعاً- نلاحظ كيف أن جميع الأطراف أسهمت في بناء شخصية موسى.
فالبيئة المحيطة بها (الواد، البقعة- الشجرة) ساهمت في تجليتها وبنائها. وحتى السارد [الله] ألفيناه يساهم في هذا البناء الذي تجسده تجربة العصا. التي تكون الفيصل الحق في توجيه الخطاب الرسالاتي، الذي يكون المنتصر على الدعوة الفرعونية.
كما سنوضح الآن.
-المشهد الثاني:
يمكن عنونته (بالشخصية التقاطع أو التكامل):

(١) * نجد هذه الازدواجية حاضرة في شخصيته منذ ولادته بحيث تربى في قصر فرعون، ثم يقف ضده، ليكون خصمه العنيد هذا ما جعل فرعون يستغرب قال تعالى: ﴿قال ألم نربك فينا وليداً ولبثت فينا من عمرك سنين وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين﴾ الآيتان ١٨-١٩ الشعراء.


الصفحة التالية
Icon