معاني القرآن، ج ١، ص : ٦٠
إلّا هذين. وكذلك قول العرب : ما أكاد أبرح منزلى وليس يبرحه وقد يكون أن يبرحه قليلا. والوجه الآخر - أن يكونوا يصدقون بالشيء قليلا ويكفرون بما سواه : بالنبي صلى اللّه عليه وسلّم فيكونون كافرين وذلك أنه يقال : من خلقكم؟
و من رزقكم؟ فيقولون : اللّه تبارك وتعالى، ويكفرون بما سواه : بالنبي صلى اللّه عليه وسلّم وبآيات اللّه، فذلك قوله : فَقَلِيلًا ما يُؤْمِنُونَ. وكذلك قال المفسرون فى قول اللّه :«وَ ما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ» «١» على هذا التفسير.
وقوله : فَباؤُ بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ... (٩٠)
لا يكون باؤ مفردة حتى توصل بالباء. فيقال : باء بإثم يبوء بوءا.
وقوله بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ أن اللّه غضب على اليهود فى قولهم :«يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ» «٢». ثم غضب عليهم فى تكذيب محمد صلى اللّه عليه وسلّم حين دخل المدينة، فذلك قوله :«فَباؤُ بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ».
وقوله : وَيَكْفُرُونَ بِما وَراءَهُ... (٩١)
يريد سواه، وذلك كثير فى العربية أن يتكلّم الرجل بالكلام الحسن فيقول السّامع : ليس وراء هذا الكلام شىء، أي ليس عنده شىء سواه.
وقوله : فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ... (٩١)
يقول القائل : إنما «تَقْتُلُونَ» للمستقبل فكيف قال :«مِنْ قَبْلُ»؟ ونحن لا نجيز فى الكلام أنا أضربك أمس، وذلك جائز إذا أردت بتفعلون الماضي،
(٢). ٦٤ سورة المائدة. [.....]