﴿ إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ ٱللَّهِ ﴾، وذلك" أن وفد نصارى نجران قدموا على النبى صلى الله عليه وسلم بالمدينة، منهم السيد، والعاقب، والأسقف، والرأس، والحارث، وقيس، وابنيه، وخالد، وخليد، وعمرو، فقال السيد والعاقب، وهما سيدا أهل نجران: يا محمد، لم تشتم صاحبنا وتعيبه؟ فقال النبى صلى الله عليه وسلم: " ما صاحبكم؟ "، قالوا: عيسى ابن مريم العذارء البتول، قال أبو محمد بن ثابت، قال: العذراء البتول، المنقطعة إلى الله عز وجل، لقوله عز وجل: ﴿ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً ﴾ [المزمل: ٨].
قالوا: فأرنا فيما خلق الله عبداً مثله يحيى الموتى، ويبرئ الأكمه والأبرص، ويخلق من الطين طيراً، ولم يقولوا: بإذن الله، وكل آدمى له أب، وعيسى لا أب له، فتابعنا فى أن عيسى ابن الله ونتابعك، فإما أن تجعل عيسى ولداً وإما إلهاً، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: " معاذ الله أن يكون له ولد، أو يكون معه إله "، فقالا للنبى صلى الله عليه وسلم: أنت أحمد؟ فقال النبى صلى الله عليه وسلم: " أنا أحمد، وأنا محمد "، فقالا: فيم أحمد؟ قال: أحمد الناس عن الشرك "، قالا: فإنا نسألك عن أشياء، قال النبى صلى الله عليه وسلم: " لا أخبركم حتى تسلموا فتتبعونى "، قالا: أسملنا قبلك، قال النبى صلى الله عليه وسلم: " إنكما لم تسلما، حجزكما عن الإسلام ثلاثة: أكلكما الخنزير، وشربكما الخمر، وقولكما: إن لله عز وجل ولداً ". فغضبا عند ذلك، فقالا: من أبو عيسى؟ ائتنا له بمثل، فأنزل الله عز وجل: ﴿ إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ ٱللَّهِ ﴾ ﴿ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ ﴾ [آية: ٥٩]، هذا الذى قال الله فى عيسى هو ﴿ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُنْ مِّن ٱلْمُمْتَرِينَ ﴾ [آية: ٦٠] يا محمد، يعنى من الشاكين فى عيسى أنه مثله كمثل آدم، فقالوا للنبى صلى الله عليه وسلم: ليس كما تقول، ما هذا له بمثل.


الصفحة التالية
Icon