عَنْ نُبَيْشَةَ الْهُذَلِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ "، وَفِي لَفْظٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ عَنْهُ زِيَادَةٌ: " وَذِكْرِ اللَّهِ ".
وَقَالَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ أَيْضًا: وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ حَدَّثَهُ: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَهُ وَأَوْسَ بْنَ الْحَدَثَانِ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ، فَنَادَى: " أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مُؤْمِنٌ، وَأَيَّامُ مِنًى أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ ". وَفِي لَفْظٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ: " فَنَادَيَا " انْتَهَى مِنْهُ. قَالُوا: فَهَذَا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ الَّذِي رَوَاهُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَحَابِيَّانِ: هُمَا كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ، وَنُبَيْشَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهُذَلِيُّ، فِيهِ التَّصْرِيحُ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَا يَجُوزُ صَوْمُهَا. وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ الْإِطْلَاقُ فِي الْمُتَمَتِّعِ وَغَيْرِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ: الرَّدُّ عَلَى مَنْ أَجَازَ صَوْمَهَا مُطْلَقًا، وَمِمَّا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّهُ قَالَ لِابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ: إِنَّهَا الْأَيَّامُ الَّتِي نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ صَوْمِهِنَّ، وَأَمَرَ بِفِطْرِهِنَّ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي " الْفَتْحِ ": أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ.
وَأَمَّا حُجَّةُ مَنْ قَالَ بِجَوَازِ صَوْمِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ الثَّلَاثَةِ لِلْمُتَمَتِّعِ الَّذِي فَاتَهُ صَوْمُهَا قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ، فَهِيَ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ، قَالَ: بَابُ صِيَامِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ لِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هُشَامٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي كَانَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - تَصُومُ أَيَّامَ مِنًى، وَكَانَ أَبُوهَا يَصُومُهَا.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثْنَا شُعْبَةُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عِيسَى، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، وَعَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - قَالَا: لَمْ يُرَخَّصْ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنْ يُصَمْنَ، إِلَّا لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ. انْتَهَى مِنْهُ. قَالُوا: فَهَذَا الْحَدِيثُ لَهُ حُكْمُ الرَّفْعِ وَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِالتَّرْخِيصِ فِي صَوْمِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لِلْمُتَمَتِّعِ، الَّذِي لَمْ يَجِدْ هَدْيًا، وَالرِّوَايَاتُ الصَّحِيحَةُ الَّتِي رَوَاهَا الْحُفَّاظُ مِنْ أَصْحَابِ شُعْبَةَ، لَمْ يُرَخَّصْ بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الْخَاءِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ.
قَالَ فِي " الْفَتْحِ ": وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَلَامٍ عَنْ شُعْبَةَ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ، وَاللَّفْظُ لَهُ، وَالطَّحَاوِيُّ: رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْمُتَمَتِّعِ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ أَنْ يَصُومَ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ، وَقَالَ: إِنَّ يَحْيَى بْنَ سَلَامٍ، لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَلَمْ يَذْكُرْ طَرِيقَ عَائِشَةَ، وَأَخْرَجَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ضَعِيفٍ عَنْ