وَالتَّقْدِيرُ، فَإِنْ عَجَزَ عَنِ الْهَدْيِ، صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إِذَا رَجَعَ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ إِنْ عَجَزَ عَنِ الْهَدْيِ قَوَّمَ شَاةَ الْهَدْيِ دَرَاهِمَ، وَاشْتَرَى بِهَا طَعَامًا وَتَصَدَّقَ بِهِ، فَإِنْ عَجَزَ صَامَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا، وَالْوَجْهَانِ الْآخَرَانِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ تَرَكْنَاهُمَا لِضَعْفِهِمَا وَشُذُوذِهِمَا، كَمَا قَالَهُ عُلَمَاءُ الشَّافِعِيَّةِ. وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فِي الدَّمِ اللَّازِمِ. بِسَبَبِ الِاسْتِمْتَاعِ: كَالطِّيبِ وَاللِّبَاسِ، وَمُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ أَنَّ فِيهِ عِنْدَهُمْ أَرْبَعَةَ أَوْجُهٍ، وَقَدْ قَدَّمْنَاهَا.
وَقَدَّمْنَا أَنَّ أَصَحَّهَا أَنَّهُ كَفِدْيَةِ الْأَذَى الْمَنْصُوصَةِ فِي آيَةِ الْفِدْيَةِ. وَدَمُ الْجِمَاعِ فِيهِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ طُرُقٌ وَاخْتِلَافٌ مُنْتَشِرٌ، وَالْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ عِنْدَهُمْ: أَنَّهُ بَدَنَةٌ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْهَا فَبَقَرَةٌ، فَإِنْ عَجَزَ فَسَبْعُ شِيَاهٍ، فَإِنْ عَجَزَ قَوَّمَ الْبَدَنَةَ بِدَرَاهِمَ، وَالدَّرَاهِمَ بِطَعَامٍ ثُمَّ تَصَدَّقَ بِهِ، فَإِنْ عَجَزَ صَامَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا. وَقِيلَ: إِنْ عَجَزَ عَنِ الْغَنَمِ قَوَّمَ الْبَدَنَةَ وَصَامَ، فَإِنْ عَجَزَ أَطْعَمَ، فَيُقَدِّمُ الصِّيَامَ عَلَى الْإِطْعَامِ كَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَنَحْوِهَا. وَقِيلَ: لَا مَدْخَلَ لِلْإِطْعَامِ وَالصِّيَامِ، بَلْ إِذَا عَجَزَ عَنِ الْغَنَمِ ثَبَتَ الْفِدَاءُ فِي ذِمَّتِهِ. وَقِيلَ: إِنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْبَدَنَةِ، وَالْبَقَرَةِ، وَالْغَنَمِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْهَا، فَالْإِطْعَامُ ثُمَّ الصَّوْمُ. وَقِيلَ: يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْبَدَنَةِ، وَالْبَقَرَةِ، وَالشِّيَاهِ، وَالْإِطْعَامِ، وَالصِّيَامِ، وَكُلُّ هَذِهِ الْأَقْوَالِ لَا دَلِيلَ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا مِنْ كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ وَلَا قِيَاسٍ جَلِيٍّ.
وَقَوْلُ الظَّاهِرِيَّةِ: إِنَّ كُلَّ مَا لَمْ يَثْبُتْ مِنْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ مِنْ صِيَامٍ وَدَمٍ لَا يَجِبُ ; لِأَنَّ كُلَّ مَا سَكَتَ عَنْهُ الْوَحْيُ فَهُوَ عَفْوٌ لَهُ وَجْهٌ مِنَ النَّظَرِ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.
وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ هُوَ قِيَاسُ الطِّيبِ وَاللُّبْسِ وَنَحْوِ ذَلِكَ عَلَى فِدْيَةِ الْأَذَى كَغَيْرِهِ مِنَ الْأَئِمَّةِ.
وَأَمَّا دَمُ الْفَوَاتِ وَالْفَسَادِ، وَتَرْكِ الرَّمْيِ وَتَعَدِّي الْمِيقَاتِ، وَتَرْكِ الْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ، فَكُلُّ ذَلِكَ يَقِيسُ بَدَلَهُ عَلَى بَدَلِ التَّمَتُّعِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنِ الْهَدْيِ صَامَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ، وَإِنَّمَا يَصُومُ الثَّلَاثَةَ فِي الْحَجِّ عِنْدَهُمُ الْمُتَمَتِّعُ، وَالْقَارِنُ وَمُتَعَدِّي الْمِيقَاتِ، وَمُفْسِدُ الْحَجِّ وَمَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ.
وَأَمَّا مَنْ لَزِمَهُ ذَلِكَ لِتَرْكِ جَمْرَةٍ أَوِ النُّزُولِ بِمُزْدَلِفَةَ، فَيَصُومُ مَتَى شَاءَ ; لِأَنَّهُ يَقْضِي فِي غَيْرِ حَجٍّ، فَيَصُومُ فِي غَيْرِ حَجٍّ. اهـ مِنَ الْمَوَّاقِ.
وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي مَسَائِلِ الْحَجِّ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي الْكَلَامِ عَلَى آيَةِ الْحَجِّ: بَعْضَ الْمَسَائِلِ الَّتِي يَتَعَدَّدُ فِيهَا الدَّمُ، وَبَعْضُ الْمَسَائِلِ الَّتِي لَا يَتَعَدَّدُ فِيهَا فِي مَوَاضِعَ مُتَفَرِّقَةٍ، مَعَ عَدَمِ النَّصِّ فِي ذَلِكَ مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ.


الصفحة التالية
Icon