فَأَجَابَهُ كِنَانَةُ بْنُ عَبْدِ يَالِيلِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُمَيْرٍ، فَقَالَ:
مَنْ كَانَ يَبْغِينَا يُرِيدُ قِتَالَنَا | فَإِنَّا بِدَارِ مَعْلَمٍ لَا نَرِيمُهَا |
وَجَدْنَا بِهَا الْآبَاءَ مِنْ قَبْلِ مَا | نَرَى وَكَانَتْ لَنَا أَطْوَاؤُهَا وَكُرُومُهَا |
وَقَدْ جَرَّبَتْنَا قَبْلَ عَمْرِو بْنِ | عَامِرٍ فَأَخْبَرَهَا ذُو رَأْيِهَا وَحَلِيمُهَا |
وَقَدْ عَلِمَتْ أَنْ قَالَتْ الْحَقَّ أَنَّنَا | إذَا مَا أَبَتْ صُعْرُ الْخُدُودِ نُقِيمُهَا |
نُقَوِّمُهَا حَتَّى يَلِينَ شَرِيسُهَا | وَيُعْرَفَ لِلْحَقِّ الْمُبِينِ ظَلُومُهَا |
عَلَيْنَا دِلَاصٌ مِنْ تُرَاثٍ مُحَرَّقٍ | كَلَوْنِ السَّمَاءِ زِينَتُهَا نُجُومُهَا |
نُرَفِّعُهَا عَنَّا بِبِيضٍ صَوَارِمَ | إذَا جُرِّرَتْ فِي غَمْرَةٍ لَا نَشِيمُهَا |
[مَسْأَلَة مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَمْ يَكُنْ لَهُ سَلْبُهُ إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَأَصْحَابُ مَالِكٍ: قَالَ مَالِكٌ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَمْ يَكُنْ لَهُ سَلْبُهُ إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ الْإِمَامِ إلَّا عَلَى وَجْهِ الِاجْتِهَادِ، وَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَفَلَ فِي مَغَازِيهِ كُلِّهَا. وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّهُ نَفَلَ فِي بَعْضِهَا يَوْمَ حُنَيْنٍ، وَلَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلْبُهُ، إلَّا يَوْمَ حُنَيْنٍ».
وَقَدْ بَيَّنَّا فِيمَا سَبَقَ أَنَّ نَفْلَ الْأَسْلَابِ وَغَيْرَ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ الْخُمُسِ، لَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ.
وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْخُمُسَ يَجُوزُ أَنْ يُعْطَى لِلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ بِرَأْيِ الْإِمَامِ فِي ذَلِكَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.