حذف المضاف، أى: ذوات القسط. واللام في (لِيَوْمِ الْقِيامَةِ) مثلها في قولك: "جئته لخمس ليال خلون من الشهر". ومنه بيت النابغة:
ترسّمت آيات لها فعرفتها.. لسنّة أعوام وذا العام سابع
وقيل: لأهل يوم القيامة، أى لأجلهم.
فإن قلت: ما المراد بوضع الموازين؟ قلت: فيه قولان، أحدهما: إرصاد الحساب السوىّ، والجزاء على حسب الأعمال بالعدل والنصفة، من غير أن يظلم عباده مثقال ذرّة، فمثل ذلك بوضع الموازين لتوزن بها الموزونات. والثاني: أنه يضع الموازين الحقيقية ويزن بها الأعمال. عن الحسن: هو ميزان له كفتان ولسان. ويروى: أن داود عليه السلام سأل ربه أن يريه الميزان، فلما رآه غشى عليه، ثم أفاق فقال: يا إلهى من الذي يقدر أن يملأ كفته حسنات، فقال: "يا داود، إنى إذا رضيت عن عبدى ملأتها بتمرة".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ترسمت آياتٍ لها)، البيت، ويُروى: توسمتُ. الترسُم: التأمل في رسم الشيء كالتوسم: التطلبُ في وسمه، يقول: درست آثارُ المحبوبة، وتوسمتها فعرفتها بالوسم لشدة تبدلها وتغيرها، بعد سبعة أعوام مضت عليها.
قوله: (وقيل لأهل يوم القيامة)، قال صاحب "الفرائد": والظاهر أن نحو هذا مفعولٌ له، كقولك: جئتك للسمن واللبن، ثم توسع في الاستعمال، وأجرى ما يُغايره في المعنى مجراه للاختصاص المشترك بينهما، والبيت الذي ذكره ليس بنظيرٍ للآية؛ لأنهُ يصلح أن يُقال: لأجل يوم القيامة، ولا يصلح لأجل ستة أعوام.
وقلت: استشهد به لأحد الوجهين، وقال غيره: معنى جئته لخمس ليالٍ، جعلتَ المجيء مختصاً بخلو خمس ليالٍ، كقوله تعالى: (يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي) [الفجر: ٢٤].


الصفحة التالية
Icon