(الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ) [الأنبياء: ٤٩].
محل (الَّذِينَ) جرّ على الوصفية. أو نصب على المدح. أو رفع عليه.
(وَهذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ أَنْزَلْناهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ) [الأنبياء: ٥٠].
(وَهذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ) هو القرآن. وبركته: كثرة منافعه، وغزارة خيره.
(وَلَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عالِمِينَ (٥١) إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ (٥٢) قالُوا وَجَدْنا آباءَنا لَها عابِدِينَ (٥٣) قالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) [الأنبياء: ٥١ - ٥٤].
"الرشد": الاهتداء لوجوه الصلاح. قال الله تعالى (فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ) [النساء: ٦] وقرئ: "رشده". والرشد والرشد، كالعدم والعدم. ومعنى إضافته إليه: أنه رشد مثله.
وأنه رشد له شأن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ومعنى إضافته إليه أنه رشدٌ مثله)، يعني: الإضافة فيه بمعنى اللام والاختصاص، والمعنى: والله لقد آتينا بجلالتنا وعظم شأننا إبراهيم رُشداً يليقُ بمثله وبحال من انتصب للرسالة وخلة الرحمن، ولإرادة هذه الوصفية قال: "رشدٌ مثله" على الكناية، ولو قيل: الرُشد أو ترك الكلام خلواً من القسم وضمير الجماعة، لم يُفخم هذا التفخيم، ثم جاء قوله تعالى: (وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ) تذييلاً لهذا المعنى، كما قال: "إنه علم منه أحوالاً بديعة، وأسراراً عجيبة"، إلى قوله: "حتى أهله لمخالته ومخالصته. الراغب: الرشدُ والرشدُ: خلافُ الغي، يستعملُ استعمال الهداية، يقال: رَشَدَ يَرْشَد ورَشِدَ يَرْشَد، قال تعالى: (فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً) [النساء: ٦]، وبين الرُّشدين، أعين الرشد المؤنس من اليتيم، والرشد الذي أوتي إبراهيم، بونٌ بعيد. وقال بعضهم: الرشد بالفتح أخص من الرشد بالضم، فإن الرشيد يقال في الأمور الدنيوية، والرشد لا يقال إلا في الأمور الأخروية، والراشدُ والرشيدُ يقالُ