غرضا؟ قلت: إذا رجعوا إليه تبين أنه عاجز لا ينفع ولا يضر، وظهر أنهم في عبادته على جهل عظيم.
(قالُوا مَنْ فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ) [الأنبياء: ٥٩].
أى: أن من فعل هذا الكسر والحطم لشديد الظلم، معدود في الظلمة: إمّا لجرأته على الآلهة الحقيقة عندهم بالتوقير والإعظام، وإمّا لأنهم رأوا إفراطا في حطمها وتماديا في الاستهانة بها.
(قالُوا سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ (٦٠) قالُوا فَاتُوا بِهِ عَلى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ) [الأنبياء: ٦٠ - ٦١].
فإن قلت: ما حكم الفعلين بعد (سَمِعْنا فَتًى) وأى فرق بينهما؟ قلت: هما صفتان لفتى، إلا أن الأوّل وهو (يَذْكُرُهُمْ) لا بد منه لسمع، لأنك لا تقول: سمعت زيدا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أي: إن من فعل هذا الكسر والحطم لشديد الظلم)، هذا تفسيرٌ لقوله: (مَنْ فَعَلَ) إلى آخره، أوقع (إِنَّهُ لَمِنْ الظَّالِمِينَ) خبراً للموصولة. قال أبو البقاء: (مَن): يجوز أن يكون بمعنى "الذي"، و (إنهُ) وما بعده: الخبرُ، وأن يكون استفهاماً، و (إنَّهُ): استئناف. فدل إيقاعُ (فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا) صلة للموصول على تحقيق الخبر، أي: هذا الفعل الشنيع الفظيع لا يفعله إلا ظالمٌ، كما قال: "إنهم رأوا إفراطاً في حطمها، وتمادياً في الاستهانة بها"، ودل "أنّ" واللامُ في الخبر على مزيد التأكيد، وإليه الإشارة بقوله: "لشديد الظلم"، ودل اللامُ الاستغراقي في الظالمين على أنه غريقٌ فيه، وإليه الإشارة بقوله: "معدودٌ في الظلمة"، وهذه المبالغات إنما ذهبوا إليها لاعتقادهم أنها آلهةٌ حقيقةً يجب توقيرهم وإعظامهم، وإليه الإشارة بقوله: "إما لجرأته على الآلهة الحقيقة عندهم".
قوله: (لابد منه لسمع)، قال أبو البقاء (يَذْكُرُهُمْ): مفعولٌ ثانٍ لـ (سَمِعْنَا)،