فعلت قريش برسول الله ﷺ حين عجزوا عن المعارضة، والذي أشار بإحراقه نمرود. وعن ابن عمر رضى الله عنهما: رجل من أعراب العجم يريد الأكراد. وروى أنهم حين هموا بإحراقه، حبسوه ثم بنوا بيتا كالحظيرة بكوثى، وجمعوا شهرا أصناف الخشب الصلاب، حتى إن كانت المرأة لتمرض فتقول: إن عافاني الله لأجمعنّ حطبا لإبراهيم عليه السلام، ثم أشعلوا نارا عظيمة كادت الطير تحترق في الجوّ من وهجها، ثم وضعوه في المنجنيق مقيدا مغلولا فرموا به فيها، فناداها جبريل عليه السلام (قُلنَا يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً) ويحكى. ما أحرقت منه إلا وثاقه. وقال له جبريل عليه السلام حين رمى به: هل لك حاجة؟ فقال: أما إليك فلا. قال: فسل ربك. قال: حسبي من سؤالى علمه بحالي. وعن ابن عباس رضى الله عنه: إنما نجا بقوله: "حسبي الله ونعم الوكيل"، وأطل عليه نمروذ من الصرح فإذا هو في روضة ومعه جليس له من الملائكة، فقال: إنى مقرّب إلى إلهك، فذبح أربعة آلاف بقرة وكفّ عن إبراهيم، وكان إبراهيم صلوات الله وسلامه عليه -إذ ذاك- ابن ست
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (من أعراب العجم، يريدُ الأكراد)، تشبيهاً بالأعرابي من العرب، وهم الذين يسكنون البادية ولايدخلونها إلا لحاجة.
قوله: (إنما نجا بقوله: حسبي الله ونعم الوكيل)، عن البخاري، عن ابن عباس قال في قوله تعالى: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) [آل عمران: ١٧٣]: قالها إبراهيمُ حين أُلقيَ في النار، وقالها محمدٌ ﷺ حين قالوا: (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ).
قوله: (وأطل عليه)، الجوهري: أي: أشرف.
قوله: (ومعهُ جليسٌ له من الملائكة، فقال: إني مُقربٌ) الفاءُ فصيحة، يعني: بعث


الصفحة التالية
Icon