وخاتمتها النهي عن الشرك، لأن التوحيد هو رأس كل حكمة وملاكها، ومن عدمه لم تنفعه حكمه وعلومه وإن بذ فيها الحكماء وحك بيافوخه السماء، وما أغنت عن الفلاسفة أسفار الحكم، وهم عن دين الله أضل من النعم.
[(أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِناثًا إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيمًا)].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولعل المراد بالآيات في التنزيل: الكلام المميز بالفواصل، وبالآيات العشر في التوراة: المعاني المستقلة، وبالخصال الخمسة والعشرين: كل خصلة مأمور بها، ومنهي عنها، وروينا عن الترمذي، والنسائي، عن صفوان، أن يهوديين أتيا رسول الله ﷺ فسألا عن تسع آيات بينات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تشركوا بالله شيئاً ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا النفس التي حرم الله... الحديث".
قوله: (ما أغنت عن الفلاسفة- خذلهم الله - أسفار الحكم)، قيل: وُجد بخط المصنف رضي الله عنه: كان في زمن نبي حكيم صنف في الحكمة ثلاث مئة وستين تصنيفاً، فأوحى الله إلى نبي زمانه: قد ملأت الدنيا بقاقاً، وإن الله لم يقبل من بقاقك شيئاً. كذا ذكره حجة الإسلام رحمه الله في كتابه "الإحياء"، والبقاق، بالباء الموحدة: كثرة الكلام.
قال الشهرستاني في "الملل والنحل": الفلسفة باليونانية: محبة الحكمة، والفيلسوف: هو فيلاسوفاً، وفيلا: هو المحب، وسُوفا: هو الحكمة، أما قوله: "أضل من النعم" فمقتبس من قوله تعالى: (أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ) [الأعراف: ١٧٩].