والمكاشفة، وذلك قبل نزول آية السيف. وقيل: نزلت في عمر رضي الله عنه: شتمه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (والمكاشفة) هي من كاشفه العداوة، أي: بادأه بها.
قوله: ((وَكِيلاً) أي: ربا موكولاً إليك أمرهم)، إلى قوله: "فدارهم ومُر أصحابك بالمداراة" إشارة إلى نظم الآيات، وفي سلوكه صعوبة، قد رمز إليه رمزاً خفيا لا يكاد يدرك في بدء الفكرة. فقوله تعالى: (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَا يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَا يُعَذِّبْكُمْ) مقول لقوله: (يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) توطئة وتمهيد له. وقوله: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ) الآية، اعتراضٌ بين المفسر والمفسَّر. وقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً) كالتذييل لمجموع مجادلته مع المشركين، وأمره المؤمنين بها من لدن قوله: (وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَاماً) إلى هاهنا. وقوله: (وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّمَوَاتِ) [الإسراء: ٥٥] كما قال، رد على المشركين في إنكارهم واستبعادهم أمر النبوة بعد الرد على استبعادهم أمر البعث بقولهم: (وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَاماً)، وذلك أنه تعالى لما استجهلهم بقوله: (انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأَمْثَالَ) وأراد قولهم: إنك شاعرٌ وساحرٌ ومجنون، وحكى عنهم مجادلاتهم، أتى بنوع آخر من الكلام الدال على ردهم استبعادهم نبوة محمد صلوات الله عليه وسلم، وأنه كيف يكون يتيم أبي طاب نبيا، وأن يكون العُراة والجياعُ أصحابه، فقيل له: إن كانوا لا يعلمون كيفية نبوتك، وتقدم أصحابك في الدين، فاعلم أن ربك عالمٌ بأحوال من في السماوات والأرض وبمقاديرهم وبما يستأهل كل واحد منهم من الفضل، ولذلك تفاوتت مراتبُ الأنبياء، فبعضهم أفضلُ من بعض، ألا ترى كيف اصطفيناك من بينهم وجعلناك خاتماً لهم، وجعلنا أمتك خير المم، وهذه المنقبة ثابتة لك في الكتب السالفة، منها الزبور، قال الله تعالى: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِي الصَّالِحُونَ) [الأنبياء: ١٠٥]، ومثله قوله تعالى: (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ) [البقرة: ٢٥٣].
قوله: (وقيل: نزلت في عمر رضي الله عنه): عطفٌ على قوله: "وقل للمؤمنين:


الصفحة التالية
Icon