رجل فأمره الله بالعفو. وقيل: أفرط إيذاء المشركين للمسلمين، فشكوا إلى رسول الله ﷺ فنزلت. وقيل: الكلمة التي هي أحسن: أن يقولوا يهديكم الله، يرحمكم الله. وقرأ طلحة: (ينزغ)، بالكسر وهما لغتان، نحو يعرشون ويعرشون.
[(وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُورًا)].
هو ردّ على أهل مكة في إنكارهم واستبعادهم أن يكون يتيم أبى طالب نبيا، وأن تكون العراة الجوّع أصحابه، كصهيب وبلال وخباب وغيرهم، دون أن يكون ذلك في بعض أكابرهم وصناديدهم، يعنى: وربك أعلم بمن في السموات والأرض وبأحوالهم ومقاديرهم وبما يستأهل كل واحد منهم. وقوله (وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ) إشارة إلى تفضيل رسول الله ﷺ وقوله (وَآتَيْنا داوُدَ زَبُورًا) دلالة على وجه تفضيله، وهو أنه خاتم الأنبياء، وأن أمته خير الأمم، لأنّ ذلك مكتوب في زبور
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يقولوا للمشركين"، فعلى هذا (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ) لا يكون تفسيراً (الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)، ويكون معناه نحو ما قال: "يهديكم الله، يرحمكم الله".
قوله: (وقيل: الكلمة التي هي أحسن: أن يقولوا: يهديكم الله)، فعلى هذا قوله: (إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ) يكون تعليلاً للأمر بقوله: (قُلْ)، أي: قل لهم أن يجاملوا في القول ولا يخاشنوا ولا يبالغوا في الجدال؛ لئلا تُنفرَ المشركين بنزغه ويُلبسهم جلد النمر ولا يورث المؤمنين الخيلاء؛ لأن المجادلة الباطلة مما تفسد ذات البين، فيكون قوله: ((رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ)) خطاباً للمؤمنين ليتركوا المراء، ويؤيده قوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً) يعني: إذا لم تكن أنت وكيلاً على المشركين فالمؤمنون أحرى به.
قوله: ((وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً) دلالة على وجه تفضيله) إلى قوله: (وإن أمته خيرُ الأمم)،