..................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ...
أن يكونوا أقرب إلى الله بما هو وسيلة. وقال أبو البقاء: (أَيُّهُمْ): مبتدأ، و (أَقْرَبَ): خبره، وهو استفهام، والجملة في موضع نصب بـ (يَدْعُونَ)، ويجوز أن يكون (أَيُّهُمْ) بمعنى الذي، وهو بدلٌ من الضمير في (يَدْعُونَ).
واعلم أن لهم في مثل هذا مذهبين: أحدهما: أن (أَيُّهُمْ) استفهام، وهو مذهب الخليل. وثانيهما: هي موصولة، وصدر الصلة محذوف، وإليه ذهب سيبويه، وسيجيء تمام تقريره في قوله: (ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيّاً) فالوجه الأول في "الكشاف" محمولٌ على مذهب سيبويه، ولذلك صرح بذكر صدر الصلة، وقال: "يبتغي من هو أقرب منه". والثاني على مذهب الخليل، حيث قال: "يحرصون أيهم"، ولابد من تقدير متعلق بـ "يحرصون"، كقوله تعالى: (حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ) [التوبة: ١٢٨]، (إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ) [النحل: ٣٧]، ومن تأويل الإنشائي لتصحيح استقامته بأن يقال: يحرصون على ما يقال فيهم: أيهم أقرب إلى الله: بسببه من الطاعة ازدياد الخير، ففي الآية تقديم وتأخير؛ لأن قوله: (إِلَى رَبِّهِمْ) حينئذ متعلقٌ بـ (أَقْرَبُ)، كما قُدر في قوله: "تحرصون أيهم أقرب إلى الله".
وأما قول أبي البقاء: والجملة نصب بـ "يدعون" فتقديره: أن آلهتهم أولئك يدعون إلى الله، الذين يقالُ فيهم: أيهم أقرب إلى الله؛ لأنهم الذين ينتفعون بالدعوة، كقوله: (وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ) [الأنعام: ٥١]، وقوله: (إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا) [عبس: ٤٥]، وقوله: (هُدًى لِلْمُتَّقِينَ) [البقرة: ٢]. ويجوز أن يُقدر: أولئك يدعون إلى الهدى، وإلى ما يقال فيه: أيهم أقربُ إلى الله بسببه من العبادة والطاعة يبتغون إلى ربهم الوسيلة بتلك الدعوة، فقُدم "يبتغون" اهتماماً، والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon