منصوبة والثانية مرفوعة، تقديره: وما منعنا إرسال الآيات إلا تكذيب الأولين. والمراد: الآيات التي اقترحتها قريش من قلب الصفا ذهبا ومن إحياء الموتى وغير ذلك: وعادة الله في الأمم أن من اقترح منهم آية فأجيب إليها ثم لم يؤمن أن يعاجل بعذاب الاستئصال، فالمعنى: وما صرفنا عن إرسال ما يقترحونه من الآيات إلا أن كذب بها الذين هم أمثالهم من المطبوع على قلوبهم كعاد وثمود، وأنها لو أرسالات لكذبوا بها تكذيب أولئك وقالوا هذا سحر مبين كما يقولون في غيرها، واستوجبوا العذاب المستأصل. وقد عزمنا أن نؤخر أمر من بعثت إليهم إلى يوم القيامة. ثم ذكر من تلك الآيات - التي اقترحها الأولون ثم كذبوا بها لما أرسالات فأهلكوا - واحدة: وهي ناقة صالح، لأن آثار هلاكهم في بلاد العرب قريبة من حدودهم يبصرها صادرهم وواردهم (مُبْصِرَةً) بينة. وقرئ: مبصرة، بفتح الميم (فَظَلَمُوا بِها) فكفروا بها (وَما نُرْسِلُ بِالْآياتِ) إن أراد بها الآيات المقترحة فالمعنى لا نرسلها (إِلَّا تَخْوِيفًا) من نزول العذاب العاجل كالطليعة والمقدّمة له، فإن لم يخافوا: وقع
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أن من اقترح)، "أن" مع اسمها وخبرها: خبرُ "وعادة الله"، وخبرُ "أن": "أنْ يعاجل".
قوله: (وأنها لو أرسلت): عطفٌ على قوله: "إن كذب بها الأولون الذين هم أمثالهم"، على منوال: أعجبني زيدٌ وكرمه.
قوله: (وقرئ: "مبصرة" بفتح الميم). قال أبو البقاء: أي: تبصرة.
قوله: (لا نرسلها (إِلاَّ تَخْوِيفاً) من نزول العذاب العاجل). الراغب: الآيات هاهنا قيل: إشارة إلى الجراد والقُمل ونحوهما من الآيات التي أرسلت إلى الأمم المتقدمة،