عليهم وإن أراد غيرها فالمعنى: وما نرسل ما نرسل من الآيات كآيات القرآن وغيرها إلا تخويفا وإنذارا بعذاب الآخرة.
[(وَإِذْ قُلْنا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَما يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيانًا كَبِيرًا)].
(وَإِذْ قُلْنا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ) واذكر إذ أوحينا إليك أن ربك أحاط بقريش، يعنى: بشرناك بوقعة بدر وبالنصرة عليهم. وذلك قوله سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ [القمر: ٤٥]، (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ) [آل عمران: ١٢] وغير ذلك، فجعله كأن قد كان ووجد، فقال: (أحاط بالناس) على عادته في إخباره، وحين تزاحف الفريقان يوم بدر والنبي ﷺ في العريش مع أبي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فنبه أن ذلك إنما يُفعل بمن يفعله تخويفاً، وذلك أخسُّ المنازل للمأمورين، فإن الإنسان يتحرى فعل الخير لأحد ثلاثة أشياء: إما أن يتحراه لرغبة أو لرهبة، وهو أدنى منزلة، وإما أن يتحراه لمحمدة، وإما أن يتحراه للفضيلة، وهو أن يكون ذلك الشيء في نفسه فاضلاً، وذلك أشرف المنازل، فلما كانت هذه الأمة خير أمة رفعهم عن هذه المنزلة، ونبه أنه لا يعمهم بالعذاب، وإن كانت الجهلة منهم كانوا يقولون: (فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنْ السَّمَاءِ أَوْ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) [الأنفال: ٣٢]، وقيل: الآيات إشارة إلى الأدلة، ونبه أنه يقتصر معهم على الأدلة ويصانون عن العذاب الذي يستعجلونه.
قوله: (ورسول الله ﷺ في العريش)، الجوهري: العريش: ما يُستظل به. روينا في "صحيح البخاري"، عن ابن عباس، أن رسول الله ﷺ قال وهو في قبة يوم بدر: "اللهم أنشدك عهدك ووعدك، اللهم إن تشأ لا تُعبد اليوم"، فأخذ أبو بكر رضي الله عنه بيده، فقال: حسبُك.