ليرجع إلى من تبعك؟ قلت: بلى، ولكن التقدير: فإنّ جهنم جزاؤهم وجزاؤك، ثم غلب المخاطب على الغائب فقيل: (جزاؤكم). ويجوز أن يكون للتابعين على طريق الالتفات، وانتصب (جَزاءً مَوْفُوراً) بما (في فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكُمْ) من معنى تجازون. أو بإضمار تجازون. أو على الحال، لأنّ الجزاء موصوف بالموفور، والموفور الموفر. يقال: فر لصاحبك عرضه فرة. استفزّه: استخفه. والفز: الخفيف (وَأَجْلِبْ)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (لأن الجزاء موصوفٌ بالموفور)، هذا تصحيح وقوع الجزاء حالاً، وهو كقوله تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً) [يوسف: ٢]، وقيل: التقدير: ذوي جزاء موفور، فيكون حالاً من الضمير في "تجازون"، وهو معنى جزاؤكم، وإلا فالعامل مفقودٌ، والأظهر أنه حالٌ مؤكدة، كقولك: زيدٌ حاتمٌ جُوداً. قال أبو البقاء: هو حالٌ موطئة. وقيل: هو تمييز.
قوله: (فر لصاحب عرضه)، مثله في قول زهير:

ومن يجعل المعروف من دون عرضه يفره، ومن لا يتق الشتم يُشتم
قال الزوزني: وفرتُ الشيء وفرة ووفراً: أكثرته، ووفرته وفوراً، تقول: ومن يجعل معروفه ذاباً عن عرضه وفر مكارمه.
الراغب: الوفر: المال التام. يقال: وفرتُ كذا: تممته، أفرهُ وفراً ووفوراً ووفرةً، ووفرتُه: على التكثير، والوفرة: الشعر الوافر، ومزادة وفراءُ، وسقاءٌ أوفرُ: لم ينقص من أديمها شيءٌ، ورأيت فلاناً ذا وفارة وفرةً، أي: تام المروءة والعقل.
قوله: (والفزُّ: الخفيف). الراغب: قال تعالى: (وَاسْتَفْزِزْ مَنْ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ)


الصفحة التالية
Icon