عليه السلام، وإظهار شرف الحسن والحسين، وأن لا يفتضح أولاد الزنا. وليت شعري أيهما أبدع؟ أصحة لفظه أم بهاء حكمته؟ (فَمَنْ أُوتِيَ) من هؤلاء المدعوّين (كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ) قيل أولئك، لأن من أوتى في معنى الجمع. فإن قلت: لم خص أصحاب اليمين بقراءة كتابهم؟ كأن أصحاب الشمال لا يقرؤن كتابهم. قلت:
بلى، ولكن إذا اطلعوا على ما في كتابهم، أخذهم ما يأخذ المطالب بالنداء على جناياته، والاعتراف بمساويه، أما التنكيل به والانتقام منه، من الحياء والخجل والانخزال، وحبسة اللسان، والتتعتع، والعجز عن إقامة حروف الكلام، والذهاب عن تسوية القول، فكأن قراءتهم كلا قراءة. وأما أصحاب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لأجل عيسى عليه السلام، والثاني: لشرف الحسن والحسين، والثالث: لئلا يُفتضح أولادُ الزنى.
الانتصاف: وأما بدع لفظه، فإن جمع الأم المعروف: أمهات، وأما رعاية عيسى بذكر أمهات الخلائق لذكر أمه، فيوهم أن خلق عيسى من غير أب غضٌّ من منصبه، وهو عكس الحقيقة، بل ذلك ذكرٌ له وشرف.
قوله: (ما يأخذ المُطالب)، وهو بفتح اللام، وفاعل "يأخذ" ضميرٌ يرجع إلى "ما"، و"مِن" في "مَن الحياء" بيانُ "ما" الثانية، والباء في "بالنداء" سببية متعلقة بـ"يأخذ"، و"أمام التنكيل" ظرفُ "يأخذُ"، المعنى: يأخذهم الخجل والانخزال وحبسة اللسان أخذاً مثل أخذ من طولب بجناياته ومساوئه وأوقف بين يدي جبار من الجبابرة، فيأخذه الحياء والخجل والحبسة بسبب النداء على جناياته، وبسبب اعترافه بمساوئه، والحال أنه مشاهد لتهيؤ أسباب نكاله وهلاكه.