رسول الله ﷺ ثم قالوا للكاتب: اكتب: ولا يجبون، والكاتب ينظر إلى رسول الله، فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه فسل سيفه وقال: أسعرتم قلب نبينا يا معشر ثقيف أسعر الله قلوبكم نارا، فقالوا: لسنا نكلم إياك، إنما نكلم محمدا فنزلت. وروى أنّ قريشا قالوا له: اجعل آية رحمة آية عذاب، وآية عذاب آية رحمة، حتى نؤمن بك. فنزلت (وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ) إن مخففة من الثقيلة، واللام هي الفارقة بينها وبين النافية. والمعنى: أن الشأن قاربوا أن يفتنوك أي يخدعوك فاتنين (عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) من أوامرنا ونواهينا ووعدنا ووعيدنا (لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا) لتقول علينا ما لم نقل، يعنى ما أرادوه عليه من تبديل الوعد وعيدا والوعيد وعدا، وما اقترحته ثقيف من أن يضيف إلى الله ما لم ينزله عليه (وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ) أي ولو اتبعت مرادهم لاتخذوك (خَلِيلًا) ولكنت لهم وليا وخرجت من ولايتي (وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْناكَ) ولولا تثبيتنا لك وعصمتنا (لقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ) لقاربت أن تميل إلى خدعهم ومكرهم، وهذا تهييج من الله له وفضل تثبيت، وفي ذلك لطف للمؤمنين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (لسنا نُكلمُ إياك)، بالياء تحتها نقطتان، ويروى: "أباك"، بالباء الموحدة، أي: لسنا نُكلم أباك حتى تتعصب لهن ولعل وجه فصل الضمير المنصوب للإبهام والتبيين تأكيداً، ولذلك قالوا: إنما نكلمُ محمداً.
قوله: (أي: يخدعوك فاتنين)، إشارة إلى أن قوله: (لَيَفْتِنُونَكَ)، مضمن معنى الخداع ومُعدى تعديته.
قوله: (ما أداروه عليه)، أي: على الافتراء والتقول، والضمير في "عليه": لـ"ما"، والمنصوب لرسول الله صلى الله عليه وسلم. و"ما" عبارةٌ عن الافتراء والتقول، أي: أداروا رسول الله ﷺ على الافتراء.
الأساس: ومن المجاز: أدرته على هذا الأمر: حاولتُ منه أن يفعله، وأدرته عنه: حاولت منه أن يتركه.


الصفحة التالية
Icon