(إِذاً) لو قاربت تركن إليهم أدنى ركنة (لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ) أي لأذقناك عذاب الآخرة وعذاب القبر مضاعفين. فإن قلت: كيف حقيقة هذا الكلام؟ قلت: أصله لأذقناك عذاب الحياة وعذاب الممات، لأن العذاب عذابان: عذاب في الممات وهو عذاب القبر، وعذاب في حياة الآخرة وهو عذاب النار. والضعف يوصف به، نحو قوله (فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ) بمعنى مضاعفا، فكان أصل الكلام: لأذقناك عذابا ضعفا في الحياة، وعذابا ضعفا في الممات ثم حذف الموصوف وأقيمت الصفة مقامه وهو الضعف. ثم أضيفت الصفة إضافة الموصوف فقيل: (ضعف الحياة وضعف الممات)، كما لو قيل: لأذقناك أليم الحياة وأليم الممات. ويجوز أن يراد بضعف الحياة: عذاب الحياة الدنيا، وبضعف الممات: ما يعقب الموت من عذاب القبر وعذاب النار. والمعنى: لضاعفنا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: ((إذاً)، لو قاربت تركن إليهم أدنى ركنة (لأَذَقْنَاكَ))، وهو صريح في أنه ﷺ ما هم بإجابتهم مع قوة الداعي إليها، ودليل على أن العصمة بتوفيق الله وحفظه.
قوله: (ويجوز أن يُراد بضعف الحياة: عذاب الحياة الدنيا)، الفرق بين هذا الوجه والوجه الأول بعد إجراء الضعف على المضاعفة أن عذاب الممات في الأول عذاب القبر، وعذاب الحياة في الآخرة وهنا المراد بعذاب الممات عذاب القبر، وبعذاب الحياة: عذابُ الحياة الدنيا"، قال القاضي: أي: عذبناك ضعف ما نُعذب به في الدارين بمثل هذا الفعل غيرك؛ لأن خطأ الخطير أخطر. وقيل: الضعفُ من أسماء العذاب.
الراغب: الضعف من الألفاظ المتضايفة التي يقتضي وجودُ أحدهما وجود الآخر، كالنصف والزوج، وهو تركب زوجين متساويين، ويختص بالعدد، فإذا قيل: أضعفت


الصفحة التالية
Icon