التهجد عبادة زائدة فكان التهجد والنافلة يجمعهما معنى واحد. والمعنى أن التهجد زيد لك على الصلوات المفروضة فريضة عليك خاصة دون غيرك، لأنه تطوع لهم (مَقاماً مَحْمُوداً) نصب على الظرف، أي: عسى أن يبعثك يوم القيامة فيقيمك مقاما محمودا. أو ضمن (يبعثك) معنى يقيمك. ويجوز أن يكون حالا بمعنى أن يبعثك ذا مقام محمود. ومعنى المقام المحمود: المقام الذي يحمده القائم فيه، وكل من رآه وعرفه وهو مطلق في كل ما يجب الحمد من أنواع الكرامات. وقيل: المراد الشفاعة، وهي نوع واحد مما يتناوله. وعن ابن عباس رضي الله عنهما: مقام يحمدك فيه الأولون والآخرون، وتشرف فيه على جميع الخلائق: تسأل فتعطى، وتشفع فتشفع، ليس أحد إلا تحت لوائك. وعن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: هو المقام الذي أشفع فيه لأمتي وعن حذيفة يجمع الناس في صعيد واحد، فلا تتكلم نفس، فأوّل مدعوّ محمد ﷺ فيقول: «لبيك وسعديك والشرّ ليس إليك، والمهدىّ من هديت، وعبدك بين يديك وبك وإليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، تباركت وتعاليت، سبحانك رب البيت» قال: فهذا قوله (عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المعنى، وفائدة العُدول ما ذكره: أن التهجد زيدَ لك على الصلاة المفروضة فريضة عليك خاصة.
قوله: (فيقيمك مقاماً محموداً)، قال أبو البقاء: هُو على هذا نصبٌ على المصدر.
قوله: (ليس أحدٌ إلا تحت لوائك)، وفي حديث أبي سعيد عن الترمذي: "وما من نبي يومئذ، آدم فمن سواه، إلا تحت لوائي"، وأما الحديث بطوله فمشهورٌ من رواية أهل هذه الصناعة.