[(وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً)].
قرئ: (مدخل) و (مخرج) بالضم والفتح: بمعنى المصدر. ومعنى الفتح: أدخلني فأدخل مدخل صدق، أي: أدخلني القبر مدخل صدق: إدخالا مرضيا على طهارة وطيب من السيئات، وأخرجني منه عند البعث إخراجاً مرضياً، ملقى بالكرامة، آمنا من السخط، يدل عليه ذكره على أثر ذكر البعث. وقيل: نزلت حين أمر بالهجرة، يريد إدخال المدينة والإخراج من مكة. وقيل: إدخاله مكة ظاهرا عليها بالفتح، وإخراجه منها آمنا من المشركين. وقيل: إدخاله الغار وإخراجه منه سالماً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: ((مُدْخَل) و (مُخْرَجُ)، بالضم)، القراءة الشائعة، والفتح: شاذ. قال الزجاج: فمن قرأ بضم الميم فهو مصدر "أدخلته مدخلاً"، ومن فتح فهو على: أدخلته فدخل مدخَلَ صدق، وإنما ترك المصنفُ تقدير الضم لأنه ظاهرٌ لا يحتاج إلى تقدير فعلٍ مطابق للمصدر، كما في الفتح.
قوله: (إدخالاً مرضياً على طهارة)، معنى الإضافة في (مُدْخَلَ صِدْقٍ) و (مُخْرَجَ صِدْقٍ) نحو الإضافة في "رجُل صدق" و"رجل سوء"، والصدق إنما هو من أوصاف ذوي العلم، فإذا وُصف غيره كان دالاً على أن ذلك الشيء مرضيٌّ في بابه. قال المصنف في قوله تعالى: (كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ) [الشعراء: ٧]: "وصف الزوج من النبات بالكرم، والكرمُ صفة لكل ما يُرضي ويحمد في بابه".
ولما عقب هذه الآية قوله: (عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً) وجب اختصاص الوصف بما يناسب المقام، وكأن ما ذكره، وإليه أشار بقوله: "يدل عليه ذكره على أثر ذكر البعث"، وعلى هذا تجري جميع الوجوه المذكورة من تقدير وصف الإدخال والإخراج في كل مقام بحسب ما يناسبه.