ورُوي لنا عن الشَّعْبِيّ (١) أنه رَوَى عن ثلاثة عشر من الصحابة، منهم أبو بكر، وعمرُ، وابن مسعود، وابن عباس رضي الله عنهم ذلك، انتهى كلامه (٢).
وقريء: (يَطَّهَّرْنَ) بالتشديد (٣)، والأصل: يتطهرن، بشهادة قوله: ﴿فَإِذَا تَطَهَّرْنَ﴾ فأدغصت التاء في الطاء بعد قلبها طاء. والتطهر: الاغتسال.
﴿فَإِذَا تَطَهَّرْنَ﴾: فيه دليل على منع وطئها قبل أن تغتسل، وحجة على من جوز ذلك (٤).
﴿مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ﴾: من المأتى الذي أمركم به وحلله لكم، وهو القُبُلُ، و ﴿منِ﴾ هنا لابتداء الغاية، وقد جوز أن تكون بمعنى (في) ليكون ملائمًا لقوله: ﴿فِي الْمَحِيضِ﴾ (٥).
﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (٢٢٣)﴾:
قوله عز وجل: ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ﴾ ابتداء وخبر، وفي الكلام حذف مضاف، أي: مواضع حرث لكم.
﴿فَأْتُوا حَرْثَكُمْ﴾ قيل: هذا تمثيل، أي: فأتوهن، كما تأتون أراضيكم

(١) هو عامر بن شراحيل التابعي القاضي، رأى عليًّا رضي الله عنه وروى عن كثير من الصحابة. وتوفي سنة ثلاث أو أربع أو خمس ومائة. وانظر ترجمته وأخباره بشكل مطول: طبقات ابن سعد، وأخبار القضاة لوكيع، والحلية لأبي نعيم.
(٢) انظر قول أبي علي الفارسي هذا في كتابه الحجة ٢/ ٣٢٢.
(٣) هي قراءة عاصم في رواية أبي بكر، وحمزة، والكسائي، وخلف، انظر السبعة / ١٨٢/، والحجة ٢/ ٣٢١، والمبسوط / ١٤٦/.
(٤) هو الإمام أبو حنيفة رحمه الله، إذا انقطع دمها لأكثر الحيض خلافًا للجمهور، انظر أحكام القرآن للكيا الهراسي ١/ ١٣٧، وأحكام القرآن لابن العربي ١/ ٢٢٨، وتفسير القرطبي ٣/ ٨٨.
(٥) التبيان ١/ ١٧٨.


الصفحة التالية
Icon