التي تريدون أن تحرثوها (١).
﴿أَنَّى شِئْتُمْ﴾: قيل: كيف شئتم (٢).
وقيل: متى شئتم (٣).
وقيل: من أي جهة شئتم، لا يَحظُرُ عليكم جهة دون جهة، والمعنى: جامعوهن من أي شِقِّ أردتم بعد أن يكون المأتى واحدًا، وهو موضع الحرث (٤).
وقوله: ﴿وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ﴾، أي: وقدموا الخير لأنفسكم. قيل: فإن قيل: ما بال ﴿يَسْأَلُونَكَ﴾ جاء بغير واو ثلاث مرات وهنّ: ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ﴾، ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ﴾، ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ﴾ ثم مع الواو ثلاثًا وهن: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ﴾، ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى﴾، ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ﴾؟ قيل: كأنَّ سؤالهم عن تلك الحوادث الأُوَلِ وَقَعَ في أحوال متفرقة، فلم يؤت بحرف العطف؛ لأن كل واحد من السؤالات سؤال مبتدأ، وسألوا عن الحوادث الأُخَرِ في وقت واحد، فجيء بحرف الجمع لذلك، كأنه قيل: يجمعون لك بين السؤال عن الخمر والميسر، والسؤال عن الإنفاق، والسؤال عن كذا وكذا (٥).
﴿وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٢٤)﴾:

(١) كذا في الكشاف ١/ ١٣٤. وكونه كناية وتمثيل هو قول أبي عبيدة في المجاز ١/ ٧٣. لكن رده الزجاج ١/ ٢٩٨ وقال: والقول عندي فيه أن معناه أن نساءكم حرث لكم، منهن تحرثون الولد واللذة.
(٢) هذا قول أكثر المفسرين كابن عباس رضي الله عنهما وعكرمة ومجاهد وقتادة وغيرهم، انظر الطبري ٢/ ٣٩٢. وبه قال الفراء ١/ ١٤٤، والزجاج ١/ ٢٩٨.
(٣) خرجه الطبري ٢/ ٣٩٤ عن الضحاك وابن عباس رضي الله عنهما.
(٤) كذا في الكشاف ١/ ١٣٤.
(٥) السؤال وجوابه هنا للزمخشري ١/ ١٣٥.


الصفحة التالية
Icon